خاص هوى الشام من وسام شغري| نواحٌ وصرخات وعبارة هل أنا بحاجة دواء؟!؛ أكثر ما يمكن أن تسمعَه في عيادات طبّ الأمراض النفسية، لعلّ في ذلك تفريجًا لما هاج في صدر المريض من مشاعر وما اعتمل داخله من أفكار، أو تلخيصًا لمعاناة طال أمدها، وفق ما ذكرت مي العربيد دكتورة في الصحة النفسية لـ هوى الشام.
متى يلجأ الأشخاص العاديون إلى الطب النفسي؟
تقول الدكتورة مي في هذا الخصوص: “في ظل الوضع الذي نعيش فيه والمليء بالتوتر والضغط النفسي، أصبحنا جميعًا بحاجة إلى مختصّين نفسيين لمساعدتنا في تخطي الأوقات الصعبة والعصيبة التي نمرّ بها”، مضيفةً: “لكن برأيي لجوئي إلى الطب النفسي والعلاج النفسي يعتمد على عوامل عدّة، منها تكرار الحالة، وشدّتها ومدّتها أقصد هنا الأعراض التي أعاني منها”.
ما الأعراض التي تضطرنا إلى اللجوء للطب النفسي؟
تجيب الدكتورة مي: “للإجابة عن هذا السؤال يجب أنْ نفرّق أوّلًا بين المرض النفسي والاضطراب النفسي والمشكلة النفسيّة، فالمرضُ النفسيُّ يشير إلى حالةٍ سريريةٍ مُعقّدة تؤثر في التفكير والمشاعر والسلوك، وتعيق الفرد عن القيام بنشاطاته اليوميّة، وتُشخَّص تلك الحالات استنادًا إلى معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، أما الاضطراب النفسي فهو مصطلح يشير إلى خللٍ أو انقطاعٍ في وظائف التفكير والعواطف والسلوك، وكلاهما يحتاج إلى علاج دوائيٍّ أو نفسيٍّ، والفرق بينهما يكمن في أنَّ الاضطراب أقلّ شدّة من المرض النفسي، وفي السياق السريري يُستخدم مصطلح الاضطراب النفسيّ للدلالة على حالاتٍ محدّدةٍ أو أقلّ شدّة من تلك التي تُصنَّف على أنّها مرضٌ نفسيٌّ”.
وتتابع العربيد: “وبخصوص المشكلة النفسية فهي عبارةٌ عن صعوباتٍ أو تحديّاتٍ تواجه الشخص في حياته اليوميَّة، قد تتعلّق بالمشاعر أو الضغوط النفسية، وغالبًا لا تصل إلى حدّ التشخيص السريري، ومن هنا فإن شدّة الأعراض التي تظهر على الشخص والتي تصل به إلى مستوى المرض أو الاضطراب هي ما يحدّد حاجته إلى زيارة عيادات الطب النفسيّ، إضافة إلى استمرار مدة الأعراض لثلاثة أشهر أو أكثر، وأيضًا تكرار تلك الأعراض، هل تتكرّر بشكل دائم. هذه الأمور مجتمعة تستدعي تدخّل اختصاصيٍّ نفسيٍّ، أما المشكلات والصعوبات والتحديات فهي تحتاج إلى دعمٍ نفسيٍّ وتتحسن مع مرور الوقت”.
ما الأمراض النفسية التي تندرج على أنها مجرّد عارض ويمكن علاجه بدواء بسيط؟
وهنا تجيب الدكتورة العربيد: “هناك بعض الاضطرابات النفسيّة التي قد تُصنَّف كحالاتٍ عارضةٍ، ومن الممكن أن تستجيبَ لعلاجٍ دوائيٍّ بسيطٍ ومُحدّد، منها اضطرابات التكيف التي تظهر كردِّ فعل على ضغوط أو تغيرات مُفاجئة في الحياة، مثل فقدان وظيفة أو انتهاء علاقة، وأيضًا هناك ردّ فعل حادّ للإجهاد، وهو استجابة قصيرة لحدث صادم أو موقف شديد التّوتر، وأعراضُه مؤقتةٌ، وأخيرًا بعض حالات القلق والاكتئاب الخفيفة التي قد تظهر أعراضهما بشكلٍ خفيفٍ نتيجةّ ضغوطٍ مُعيّنةٍ، من دون أن تتطوّر إلى اضطرابات مزمنة”.
الحالات التي تتطلب معالجةً طويلةً أو لجوءًا إلى مصحّات؟
تقول الدكتورة مي في هذا الخصوص: “هناك اضطرابات كثيرة تحتاج علاجًا طويلًا؛ سواء دوائي أو نفسي، مثل الاكتئاب الحاد وثنائي القطب والفصام، وهناك بعض حالات الفصام أو حالات الذهان التي تُعالج داخل مصحّات نفسيّة؛ لأنَّها أمراضٌ عقليّةٌ تصيب الدماغ أو إدراك الإنسان، وتؤثِّر في تحليله واتصاله بالواقع، وهذه الاضطرابات خطيرةٌ جدًّا”.
هل هناك تزايد في أعداد المرتادين لعيادات الطب النفسي؟
تقول الدكتورة العربيد: “بالطبع. فنحن نعيش عالمًا مملوءًا بالضغط والقلق، والحروب تحوطنا من كلّ حدبٍ وصوبٍ؛ لذلك يزداد عدد المرتادين، ولا يمكن تبرئة التطور التكنولوجيّ والذكاء الاصطناعيّ اللذين سبّبا التوتر والقلق، وهذا أدى إلى حالات حزن شديد واكتئاب”.
ما العلاقة بين الأمراض النفسية والعضوية؟
تقول الدكتورة العربيد: “هناك مصطلح في علم النفس يُدعى الأمراض السيكوسوماتية، أي الأمراض النفس جسدية، وهذا يعني أنّ هناك ارتباطًا وثيقًا بين الحالة النفسيّة والمرض العضوي، كأمراض السكري والضغط وأمراض القولون العصبي، فكل هذه الأمراض سببها نفسيّ، وهنا نستنتج أنَّ كثيرًا من الأمراض سببها الأساسي النفسي يتجلّى عن طريق الأمراض العضوية، وبالعلاج النفسي نهتمّ بالحالة الجسدية للمريض”.
ما الشرائح العمرية التي ترتاد عيادات الطب النفسي؟
وعن هذا السؤال تجيب الدكتورة العربيد: “لا إجابة محدّدة عن هذا السؤال، فكلُّ الشرائح المُعرَّضة للضغوط تحتاج الطب النفسي، فهناك اختصاصيون للأطفال وللمراهقين وللسيدات وللرجال” مضيفة: ” إنّ هذه الإجابة تحتاج إلى إحصائيات دقيقة، كزيارة المشافي النفسية أو عيادات الطب النفسي”.
يُذكر أنّ الدكتورة مي العربيد حاصلة على شهادة الدكتوراة بالصحة النفسيّة، وهي معالجة نفسيّة ومحاضرة في كليّة التربية الثانية في السويداء، وتعمل أيضًا في القسم النفسي في منصة جدل الأدبية.
(( تابعنا على الفيسبوك – تابعنا على تلغرام – تابعنا على انستغرام – تابعنا على تويتر ))