Featured

ابراهيم عبود وعدنان حمدان : يوم كان للنشرة الجوية هيبتها

هوى الشام

قبل أن يلتحق التلفزيون السوري بموضة القنوات اللبنانية ويسلّم عنق نشرته الجوية لأصغر المذيعات المعيّنات حديثاً، من بين الشابات اللواتي يلبسن بناطيل الجينز وبلوزات القطن، كان للنشرة الجوية في التلفزيون السوري هيبة ووقاراً.

كان يتناوب على تقديمها رجلان رصينان، يعرفان عمّ يتحدثان، ويحملان وجهين مقنعين، يمتلك كل واحد منهما نوع الثقة الخاص به :

عدنان حمدان بنظاراته الكبيرة وكلماته الهادئة ووجه الجاد الذي يشبه مدرساً رصيناً، وبشرته السمراء وملامحه الدقيقة.

وإبراهيم عبود “رحمه الله” كان يشبه الفلاحين “جمهوره الرئيسي” ويقدم لهم شعوراً بأنه واحد منهم.

كلا المتنبئين كانا موظفين في مديرية الأرصاد الجوية التي تأسست في خمسينات القرن العشرين، وكانا منذ بداية الثمانينات يقدمان يومياً نشرة جوية لبضعة دقائق في نهاية نشرة الاخبار الرئيسية.

كثير من السوريين ـ لا سيما من يعملون في الزراعة ـ كانوا يبرمجون يومهم على مواعيد النشرة، فيسهرون حتى التاسعة والربع، يطمئنون على الطقس ويتفاءلون بالمطر الموعود، ثم ينامون لينهدوا إلى حقولهم في الصباح مشفوعين بالأمل الذي أعطاهم إياه عدنان أو ابراهيم.

حين كانت تمرّ فترات جفاف وينحبس المطر، كان المتنبئان الشهيران يتلقيان اللوم من الفلاحين الذين زرعوا أراضيهم بعلاً، وكان هناك عبارات يتناقلها الناس تحمل المتنبئين مسؤولية ما تفعله الطبيعة.

وبشكل اعمق وأكثر غرائبية كان هناك انقسام بين المشاهدين بين جماعة عدنان وجماعة ابراهيم، وكان هناك مجموعة تتفاءل في اليوم الذي يقدم فيه النشرة الجوية إحدهما وتتشاءم حين يقدمها الآخر، فلكل واحد منهما جمهوره الذي يعتقد ان تقديم عدنان للنشرة يعني أن لا مطر في الغد، والعكس بالعكس.

المثابرة والمواظبة من المتنبئين وجمهورهما خلق في المجتمع نوعاً من أنواع الحساسية العالية الأقرب للخبرة لدى شريحة واسعة من السوريين، مثل أن تبدأ النشرة بعبارة “يتقدم من المنطقة منخفض قادم من البحر الميت…” فيصرخ أب غاضب باولاده: “اطفو التلفزيون.. علّاك منخفض البحر الميت، بيجيب برد وما بيجيب شتي”.

توفى ابراهيم عبود مطلع الألفية وكان في منتصف الخمسينات من عمره، واستمر عدنان حمدان في تقديم النشرة الجوية حتى خروجه على التقاعد (2005) وترافق ذلك مع موجة التحديث التي شهدها التلفزيون السوري، والتي أطاحت ـ فيما أطاحت ـ بهذين الاستاذيين الذين كسبا ثقة السوريين طيلة ربع قرن.

المصدر : وكالة أوقات الشام
Hawa

Recent Posts

مانشستر سيتي يكرم هذا اللاعب بفسيفساء وشارع باسمه

هوى الشام| كرم نادي مانشستر سيتي الإنجليزي صانع ألعابه البلجكي كيفن دي بروين من خلال…

يومين ago

بين الحداثة والأصالة.. تأملات شعرية في ديوان حسن إسماعيل قنطار

هوى الشام| تبدو الموهبة الشعرية في مجموعة “لكن” قلباً واضحةً وتمتلك مقومات حقيقية لتقدم خلال…

5 أيام ago

حفل إطلاق وكالة سوريا الجديدة للإعلام وشركة إكس أرت للإنتاج الفني

هوى الشام من مهران ابو فخر| بحضور عدد من الشخصيات الإعلامية والفنية وخلال مؤتمر صحفي…

5 أيام ago

شركة طيران يونانية تستعد لإطلاق رحلات جوية مباشرة بين سوريا وعدد من الدول الأوروبية

هوى الشام | يصل وفد رسمي من شركة الطيران اليونانية "اير مديترينيان" Air Mediterranean إلى…

5 أيام ago

اختتام المعرض الصناعي السوري الدولي..مجموعة عبد الكريم تتألق بجناح مميز وتستقطب الزوار والمهتمين

هوى الشام | اختتمت فعاليات المعرض الصناعي السوري  الدولي وبهذه المناسبة تود مجموعة عبد الكريم…

أسبوعين ago

سوريا على أعتاب نهضة كبرى: طائرات جديدة، موانئ عالمية، واستثمارات تطرق الأبواب

هوى الشام| كشفت مصادر مطلعة ومقرّبة من دوائر اقتصادية عليا عن سلسلة تطورات وشيكة من…

أسبوعين ago