العنف المدرسي.. أشكاله ومظاهره وطريقة التعامل معه

0
293
العنف المدرسي

هوى الشام من وسام شغري| العنف المدرسي أحد التحديات الخطيرة التي تواجه البيئة التعليمية والتربوية، ولا سيما في الوقت الراهن، فهو يؤثر تأثيراً سلبياً واضحاً في الطلاب باختلاف مراحلهم التعليمية، وبذلك يواجهون عواقبَ نفسيةً واجتماعيةً خطيرةً قد تسبب لهم خللاً أو اضطراباً نفسياً، وهذا يؤدي حتماً إلى فشلهم في مختلف مناحي الحياة.
وللحديث عن أسباب العنف المدرسي وأشكاله وآثاره كان لهوى الشام لقاءٌ مع الدكتورة دعاء شلهوب “دكتورة نفسية”، التي
بدأت حديثها: “العنف المدرسي موجودٌ في أي مجتمع، ولكن بنسبٍ مُختلفةٍ، وهنا أودّ أن أتحدّثَ عن العنف المدرسي الطارئ المترافق مع الانهيار السياسي والاقتصادي والقانوني والأخلاقي الذي عانت منه سوريا خلال 14 عاماً، وبالعموم يمكن القول إنَّ المدرسة مجتمعٌ مصغّر عن المجتمع الكلي، وما يؤثر في المجتمع ينعكس بالضرورة على المدرسة، وهذا أدى إلى زيادة العنف في المدارس؛ لأنَّ الأطفال ينقلون العنف الذي يتعرضون له، سواء من المنزل أو الشارع إلى المدرسة، وما يمارس في حقهم يمارسونه على أصدقائهم”.
وتتابع الدكتورة شلهوب: ” إن العنف ازداد بوتيرة كبيرة، ويمكننا أن نميّز من أشكال العنف، العنف الجسدي الذي أصبح مُؤذياً بصورة واضحة، فقد سادت في مجتمعنا لغة القوي الذي يمارس العنف والسلطة، وأضحت لغة الحوار، حتى نرى أن ما نتابعه على الشاشات من دراما يمجّد القوي، وبطبيعة الحال يتأثَّر الطفل بما يراه، إضافةً إلى غياب القوانين في الفترة الماضية ما جعل اللجوء إلى العنف نتيجةً حتميةً، لدرجة نرى فيها أنَّ الطالب بات يعتدي على المعلم، ويعود ذلك لاهتزاز القدوة المدرسيّة وانتشار العنف في المجتمع وإدخاله إلى المدرسة”.
وتضيف الدكتورة شلهوب: “هناك شكل آخر من أشكال العنف وهو العنف النفسي، كان سابقاً لا يتجاوز التهديد بأمور بسيطة، لكن في الآونة الأخيرة بات الابتزاز واضحاً بصورة أكبر، وقد يكون مرتبطاً بآراء سياسية، وهذا النوع من العنف له تأثير سلبي على الضحية وعلى من يمارس هذا السلوك أي المعتدي؛ لأنه ينمي في المجتمع شخصية تقدّس العنف، وأخيراً العنف الجنسي؛ إذ زادت التحرّشات في الآونة الأخيرة، وذلك بسبب غياب الرقابة الأسرية بسبب الضغوط النفسية والاقتصادية التي يعاني منها المجتمع، ولا ننسى ضعف الرقابة على الطفل بما يشاهده على وسائل التواصل الاجتماعي أو مع أصدقائه، والموضوع الأهم الذي لا يجب إغفاله أنَّ التحرش ينقل بين الأطفال، فما يمارس على أي طفل يمكن أن يجربه على غيره”.
وتتحدّث الدكتورة شلهوب عن ضرورة نشر ثقافة التعاون والمشاركة والتسامح: “لتشجيع ثقافة التسامح والمشاركة ينبغي أن يكون ذلك بين جميع الأطراف، المعلم والطالب، فالمعلم قدوة؛ لذا يجب أن يتصرف بأسلوب يعكس الاحترام والتسامح، كأن يحاول مثلاً امتصاص غضبه، ولا يخرجه بصورة عنف أمام الطلاب، ومن الممكن أيضاً أن يتمّ التعاون بين المدرس والمرشد النفسي أو الاجتماعي، الذي يستطيع أن يقود المعلم إلى أساليب جديدة بعيدة عن العقاب، من خلال التقدير الإيجابي القائم على الحوار وعلى تعزيز قدرات الطفل، فبدلاً من إهانته أو طرده، يمكن أن أُشغلَه بأن يقدم شيئاً مفيداً يشعره بأهميته”، مضيفة: “يمكننا أن نتوجّه للطلاب لنشر ثقافة التسامح والمشاركة عبر اللعب أو من خلال القصص والحكايات، فمن خلال السرد يمكن للطفل أن يبني فكرة عن إيجابيات الطريق الذي سيسلكه، ويمكن أن يشارك هو في تأليف قصة عن ضرورة التسامح”.
وعن دور البرامج التثقيفية والتوعوية للحد من العنف، تقول الدكتورة شلهوب: “العنف المدرسي يستحق أن نجابهه بكل الوسائل؛ لأنه ليس محصوراً فقط في أسوار المدرسة هو خطر مستقبلي على المجتمع، فقد يعاني الأطفال الذين يمارسون العنف مستقبلاً من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع؛ لذلك فالبرامج التوعوية من أهم الخطوات للمساهمة في الحدِّ من العنف، كأن نقوم بتمثيل مسرحيات تتحدث عن آثار العنف السلبية وكيف يمكننا امتصاص الغضب وتحويله إلى شيء إيجابي؛ لينقلها الطلاب إلى خارج جدران المدرسة فيشعروا بأنهم قادرون على المساهمة في التوعية إلى حد ما”.
وعن تأثيرات العنف المدرسي النفسية والعاطفية تقول الدكتورة مي العربيد /دكتوراه في الصحة النفسية/: “عندما يتعرض الطفل أو الطالب للعنف، سيؤدي ذلك إلى آثار جمة، مثل عدم التعبير عن المشاعر والإحساس بالظلم والضعف، وربما يتراجع عن الأداء الدراسي، وبالنسبة للأطفال الصغار سيؤدي ذلك إلى محاولة للتهرب من المدرسة، أما بالنسبة للمراهقين سواء المعتدي أم المُعتدى عليه، فكلاهما يتأثران، فالمعتدي يشعر بأنه قادر على أن يحصل على أي شيء بالقوة، أما المُعتدى عليه فيشعر بالضعف والاستكانة وعدم القدرة على مجابهة أي اعتداء والدفاع عن النفس”.
وتضيف الدكتورة العربيد: “علينا أن ننشر الوعي بخصوص ضرورة التبليغ عن أي حالة اعتداء أو عنف قد يتعرض لها أي طفل أو طالب، وذلك من خلال نشر ثقافة الأمان والثقة بين المعلم والمرشد والطالب، كأن ننشئ نادياً في المدرسة بين الطلاب لنشر الوعي، أو من خلال مجلات حائط تتناول جوانب العنف، وكيف يمكنني أن أدافع عن نفسي، وإلى من أستطيع أن ألجأ، وكيف أتصرف”.
وتتابع الدكتورة العربيد: “يمكن أن نفرغ طاقة الطالب لنحرفها عن العنف عن طريق اللعب بكل أشكاله، عن طريق المسرح التفاعلي أو الرياضة أو الرسم، أو المساهمة بأنشطة عديدة، وبذلك يفرغ الطالب شحنة عالية من الطاقة بطريقة إيجابية”.
العنف ظاهرة منتشرة في مدارسنا، ومن خلال هذا التقرير حاولنا الإضاءة على أشكال العنف وكيف نتعامل معه، فالطفل ركيزة أساسية في المجتمعات، وسلامته النفسية ستؤدي حتماً إلى سلامة المجتمع بأسره.

((  تابعنا على الفيسبوك   –  تابعنا على تلغرام   –   تابعنا على انستغرام  –  تابعنا على تويتر ))

لا يوجد تعليقات