مجلس الشعب

دمشق-هوى الشام

عقد مجلس الشعب اليوم جلسته الأخيرة من الدورة العادية الثانية عشرة للدور التشريعي الأول برئاسة محمد جهاد اللحام رئيس المجلس وبحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي وعدد من الوزراء.

وفي كلمة له قال اللحام: “إن سورية صمدت بشعبها وجيشها وقائدها رغم تداعيات الحرب الإرهابية عليها؛ وسطرت خلال السنوات الماضية ملاحم في البطولة سيكتبها التاريخ”؛ مبيناً أن التطورات الأخيرة ميدانياً وسياسياً تشكل رافعة جديدة للعمل ودافعاً للجميع من أجل بذل المزيد لمواكبة انتصارات جيشنا في حربه ضد الإرهاب وتعزيز قوة الدبلوماسية الناجحة في مسارات جنيف وغيرها.

ورأى اللحام “أن ما حققه الجيش العربي السوري في مدينة تدمر قبل أيام إنما هو مسار للنصر والبناء وهو مسار حتمي لأي حل سياسي لذلك نؤكد لكل من يراهن على قوى خارجية لتحصيل مكاسب خاصة على حساب الوطن ولتفكيك الجسد السوري أن أحلامه ومشاريعه أضغاث أحلام وأن الجيش العربي السوري الذي زلزل الأرض تحت جحافل الإرهابيين ومرتزقة الدول الداعمة لهم في تدمر لن يتوقف قبل أن يطهر كامل التراب السوري من الإرهاب”.

وقال اللحام “إن سورية وطن متسع لجميع أبنائه عبر سبعة آلاف عام ولم يقبل التقسيم والدويلات؛ وسيبقى واحداً يجمع أبناءه على اختلاف توجهاتهم في عيش يضمن حرية الجميع وكرامتهم دون استثناء”.

وأعرب اللحام عن شكره لكل الدول الصديقة التي وقفت مع سورية وشعبها في الحرب ضد الإرهاب وخاصة روسيا الاتحادية وإيران والمقاومة اللبنانية لأن المعركة مع الإرهاب واحدة قائلاً: “نحن إذ نحارب الإرهاب التكفيري المتمثل بـ”داعش” و”جبهة النصرة” وغيرهما من التنظيمات الإرهابية فإنما نحارب بالنيابة عن العالم؛ لذلك نجدد دعوتنا للدول المنخرطة في دعم الإرهاب والفوضى وما يطلقون عليها معارضة إلى أن يعيدوا النظر في سياساتهم الخرقاء التي ولدت “داعش” وستلد ألفاً مثله إذا ما استمرت في تصرفاتها غير المسؤولة”.

وحول عمل المجلس خلال الدورة الحالية ذكر اللحام “أنه شهد الكثير من النقاشات حول مجمل القضايا التي تهم وتؤثر في حياة السوريين وتعزز صمود سورية وشعبها في وجه الإرهاب وفي كثير من الأحيان كان هناك اختلاف في الآراء والتقييم حول الأداء في مؤسسات الدولة؛ وكانت بعض النقاشات حادة لكنها جميعها لم تخرج عن الوطنية السورية والغيرة على المصلحة الوطنية” وبالتالي أغنت النقاش وفتحت الأبواب لرؤى متعددة لسن القوانين التي تم إصدارها وقد اتسمت علاقة السلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية بالتعاون والتكامل في سبيل خدمة الوطن.

ووجه اللحام تحية إلى قواتنا المسلحة التي أثبتت أنها على قدر المسؤولية الوطنية في الدفاع عن الوطن؛ متمنياً الرحمة للشهداء الذين يخطون بدمائهم طريق النصر المؤزر.

من جهته أكد الحلقي أن “سورية أشد قوة وبأساً وأكثر صلابة وقدرة على المواجهة” رغم الحرب الإرهابية التي تشن عليها منذ خمس سنوات فهي تصنع الانتصارات بفضل تضحيات جيشها الباسل وصمود شعبها الذي تحمل الكثير من أجل أن يبقى وطنه موحداً “لا يمكن لأي قوة في الدنيا أن تغير خريطته وتتلاعب فيها”.2

ونوه الحلقي بجهود أعضاء مجلس الشعب خلال السنوات الماضية لتجسيد آمال الشعب السوري وطموحاته ودورهم في التواصل مع البرلمانات الإقليمية والدول الصديقة لمواجهة الفكر التكفيري الإرهابي المتطرف في ظل تكامل الأدوار بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية بهدف الارتقاء بمتطلبات الشعب السوري والدفاع عن الوطن مشيرا إلى أن الوطن يحتاج إلى جهود كل أبنائه للنهوض به من جديد وإعادة بنائه وإعماره.

وقال الحلقي: “راهنوا يوماً على شطب سورية من الخريطة وجعلها سوريات متعددة لكنهم فشلوا أمام إرادة السوريين وعزيمة وشجاعة جيشهم الباسل” مشدداً على وحدة سورية أرضاً وشعباً وتاريخاً وهوية ورفض مختلف أشكال الهيمنة والوصاية أو التجزئة ورفض أي مشروع من شأنه المساس بوحدتها ويتعارض مع دستورها الوطني ومضيفاً: “مهما حاولت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الاستثمار في المسألة الكردية لن ينجحوا فلا إمكانية ولا فرصة للفيدرالية وتقسيم سورية” مؤكداً أن الأكراد جزء أصيل من النسيج الاجتماعي السوري.

ورأى الحلقي أن العدوان على سورية دخل مع بداية العام الجاري مرحلة مهمة ومفصلية لجهات عدة أبرزها العسكرية والسياسية حيث حقق الجيش العربي السوري مع أصدقائه وفي مقدمتهم روسيا وإيران والمقاومة الوطنية اللبنانية انتصارات متتالية أظهرت تفوقه وهو اليوم يحقق مزيداً من الانتصارات في ظل احترامه للقرار 2268 المتعلق بوقف الأعمال القتالية.

وبين رئيس مجلس الوزراء أن الشهادة أصبحت ثقافة مجتمعية متأصلة وقيمة عليا وأن ما كرسه القائد المؤسس حافظ الأسد من تكريم للشهادة والشهداء سيبقى النهج الذي نسير على خطاه في ظل قيادة السيد الرئيس بشار الأسد “الذي يوجهنا دائماً إلى ضرورة الاهتمام بذوي الشهداء وأبنائهم ورعايتهم والاهتمام بالجرحى من أبطال جيشنا الباسل وتأمين متطلبات علاجهم وتأهيلهم”.

وقال الحلقي: “إن الحكومة لم تنتظر المؤتمرات والمنظمات الدولية والمبادرات الخارجية حتى تبلور مشهد إدارة سورية في المرحلة المقبلة فهي ليست حكومة مواجهة الأزمة فحسب بل هي حكومة تخطيط لما بعد الأزمة ولمرحلة التعافي”.

وأشار إلى “البدء بإطلاق البرنامج الوطني للتحول إلى سورية ما بعد الأزمة بأيد وعقول وطنية مع التحضير لعملية إعادة الإعمار بمفهومه الشامل وفق مبدأ الأولويات والإمكانيات” سواء لجهة إحداث مناطق عمرانية جديدة بديلة لمناطق العشوائيات السكنية والأماكن المتضررة من الحرب أو استكمال مشاريع قديمة جديدة بمساعدة الأصدقاء.

وبين الحلقي “أن مرحلة التعافي وبداية الإعمار انطلقت في كل أبعادها” مشيرا بهذا الصدد إلى استكمال محطة جندر لتوليد الطاقة الكهربائية بالتنسيق مع الأصدقاء الإيرانيين والعمل لاستكمال محطة تشرين الحرارية مع شركة بهارات الهندية والتحضير لاستئناف تأهيل معمل حديد حماة مع شركة أبولو الهندية واستكمال الشركات الروسية عملها بالتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية في البحر المتوسط.

وأضاف أن شركة سوفو كريم الروسية تستكمل أعمالها لاستثمار مطحنة تلكلخ وتأهيل مطحنة تشرين في عدرا والشركات الإيرانية تواصل دراساتها لتوطين مشاريع استثمارية في إطار اتفاقية التعاون الاقتصادي بين البلدين فضلا عن العمل لإنجاز الشركات الوطنية العاملة في قطاع الغاز أعمالها في الاستكشاف والحفر والاستثمار.

وعن برنامج العمل الحكومي لفت الحلقي إلى مضي الحكومة بتوسيع رقعة المصالحات المحلية كمسار مواز لمكافحة الإرهاب كما تتابع تأمين متطلبات العمل الإغاثي وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق السورية كافة وتوفير حلول ملائمة للإقامة المؤقتة وسبل العيش والتعويض على المتضررين فضلاً عن تأمين السلع الأساسية للمواطنين وتقديم الخدمات الضرورية لهم إضافة إلى دعم المؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر وإطلاق القروض التشغيلية.

وأضاف رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة تستمر في الحفاظ على القطاع العام الوطني ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي وتأمين مستلزمات الفلاحين والمزارعين ومربي الثروة الحيوانية وتحقيق الأمن الغذائي ودعم حركة الإبداع الثقافي وتطوير منظومة الإعلام الوطني بكل أشكاله وتعزيز وترسيخ علاقات التعاون مع الدول الصديقة والاستمرار بمشروع الإصلاح القضائي والإداري ومكافحة الفساد بكل أشكاله، مجدداً تأكيده “أن الحكومة لن تتهاون بمحاسبة المعتدين على المال العام وسارقي قوت الشعب”.

وفيما يخص انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الثاني بين الحلقي أنه انطلاقاً من الثوابت الوطنية والمحافظة على الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها تمضي الحكومة لترسيخ دولة المؤسسات القوية من خلال التحضير للانتخابات التشريعية في أجواء من الديمقراطية والتنافس الحر لانتخاب ممثلي الشعب إلى قبة البرلمان وبإشراف مباشر من المؤسسة القضائية للتأكيد على أن مسيرة الحياة والبناء مستمرة بفعل إرادة السوريين وجيشهم وقيادتهم داعياً الجميع للتوجه إلى صناديق الانتخابات في 13 نيسان القادم للمشاركة بهذا الاستحقاق لانتخاب الأكثر كفاءة والقادر على تحقيق طموحات الشعب والمساهمة في بناء سورية الجديدة المتجددة.

وحول الحوار السوري السوري في جنيف لفت الحلقي إلى أن جولات التفاوض كشفت جدية وفد الجمهورية العربية السورية وسعيه لإنجاح جلسات الحوار مع التمسك بالثوابت الوطنية وإعطاء الأولوية لمكافحة الإرهاب الذي بات يهدد العالم بأسره مبيناً أن الحكومة ستدرس وثيقة المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا، و سترد على مكوناتها، آخذةً بعين الاعتبار ما يأمله الشعب السوري وبما يؤدي إلى الحفاظ على وحدة أراضي سورية وسيادتها.

وختم الحلقي بالقول: “إننا نرى أن سورية في كل يوم أقوى وأصلب وهي ستغير المعادلات وتصنع التاريخ وسيبقى الرئيس بشار الأسد أبرز رموز النهج الوطني الاستقلالي المناهض لمشروع الهيمنة الأجنبية في المنطقة والعالم” معرباً عن تقديره لتضحيات وانتصارات الجيش العربي السوري وشكره لأصدقاء سورية وجميع الدول التي تقف إلى جانبها في مواجهة الإرهاب العالمي.