هوى الشام
عشرات الجمعيات ومئات المتطوعين والفاعلين يعملون عبر وسائل عديدة من أنشطة وفعاليات اجتماعية وإغاثية وورش تدريبية مع قطاعات واسعة من الناس بهدف توزيع المواد الغذائية للأسر المحتاجة وإنشاء خطوط للدعم النفسي والاجتماعي والمهني ضمن مساعي إيجاد الطرق المثلى لكسر حاجز الخوف والفقر والمرض والإعاقة، الأمر الذي يساهم في سد بعض ثغرات الحال الصعبة التي فرضتها ظروف الحرب والحصار الاقتصادي الظالم وتلتها جائحة كورونا.
حول ما قدمته الجمعيات الأهلية من مبادرات وفقاً للبرامج والخطط الوطنية التي تعتمدها مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل لريف دمشق أكدت السيدة فاطمة الرشيد المديرة السابقة لشؤون الريف أن العمل الإنساني يستمر في المحافظة بوتيرة عالية من خلال 235 جمعية تقدم خدماتها في مجالات الصحة والتعليم والعمل الخيري والتدريب المهني والإعاقة والعناية بالمسنين في جميع المناطق والقرى التابعة لها، ويتم استكمال البرامج المطروحة في عام 2020 مع الخطة الموضوعة لعام 2021 والتي بدأت بدورة تدريبية للمعوقين في جمعية جيرود لذوي الإعاقة من خلال زيارتهم في منازلهم وتأمين الاحتياجات اللازمة لتدريبهم، وصولاً إلى برامج متابعة القيام بدورات تدريبية للمسجلين في الجمعيات في مهن مختلفة مثل لف محركات – دورات كروشيه وخياطة وصوف وحلاقة بشكل مجاني والتي يرافقها تقديم مساعدة للأشخاص الراغبين بالقيام بمشروع صغير خاص بهم.
التوجه للتدريب والتمكين:
وبينت الرشيد أن أكثر الجمعيات تتوجه اليوم للخروج من أعمال الإغاثة إلى التدريب والقيام بدورات تدريبية تسهم في إنشاء مشاريع صغيرة أو متناهية الصغر للمستفيدين، كجمعية إنعاش الفقير التي تحولت إلى مراكز للتدريب في عدد كبير من المجالات، وهناك برامج توعوية يتم التحضير لها بالتعاون مع نقابة المحامين ومديرية الأوقاف لتنفيذ ورش عمل للحد من العنف ضد الأطفال والتشرد وحالات التسول بالتركيز على الجانب القانوني والديني لمعالجة هذه الحالات. وبرامج أخرى خاصة بتمكين أسر الشهداء وتقديم مساعدة للأرامل وفقاً للدراسة التي تعد خصيصاً لهذا الهدف.
وفي ظل جائحة كورونا أكدت الرشيد أن العمل في المجال الصحي لم يتوقف على صعيد التوعية وتوزيع السلل الصحية والكمامات والمعقمات على طلاب المدارس ودور الرعاية والعاملين في الجمعيات.
أهدف إنسانية توعوية:
وقد قامت جمعيات كثيرة بحملات توعية وتعقيم وتوفير كميات كبيرة من الكمامات والمستلزمات الطبية للوقاية من كورونا إلى جانب عملها الإغاثي فقد أكد السيد وجيه الحج علي رئيس الجمعية الخيرية في أشرفية صحنايا أن الهدف الأول والأساسي للجمعية منذ إشهارها عام 2005 هو مساعدة الناس وقد استمرت على نفس الهدف ولكن بوتيرة أعلى خلال السنوات التسع الأخيرة بسبب تزايد عدد المحتاجين، كما أنها نشطت حالياً بالتوجه إلى مبادرات التصدي لكورونا بالتعاون مع شعبة الهلال الأحمر في الأشرفية وبتوجيه من مديرة الشؤون السيدة فاطمة الرشيد التي قدمت الكثير من المساعدات إلى الجمعية. مشيراً إلى العديد من المبادرات من تعقيم وتوزيع كمامات في المدارس ورياض الأطفال وتعقيم الطرقات.
وبين الحج علي أن الجمعية كانت تقدم خدماتها لأكثر من 3600 أسرة ولكنها في الوقت الحالي وبسبب زيادة أعداد المهجرين والمحتاجين للمساعدة وقلة الموارد أمام أعداد المستفيدين فهي تقدم مساعدة لحوالي 650 أسرة ضمن أرقام ثابتة لديها، لافتاً إلى تعاونهم مع مبادرة أهل الشام التعاونية استمرت حتى عام 2019، وإلى أهمية تعاونهم مع جمعية تنظيم الأسرة السورية بالأمور الطبية والتوعوية.
ازدياد عدد المستفيدين:
واعتبر رئيس الجمعية أن أهم التحديات التي تواجههم حالياً هي وجود عدد قليل من المتطوعين مع وجود أعداد كبيرة من المحتاجين والمهجرين وبالتالي الجمعية تكون غير قادرة على تلبية الكثير من الأمور التعليمية والصحية، موضحاً أن عدد سكان الأشرفية عند افتتاح الجمعية كان حوالي 8 آلاف شخص ولكن مع تحول نشاط المنطقة من زراعي إلى تجاري والتوسع العمراني الكبير وارتفاع عدد الوافدين خلال سنوات الحرب أصبح عدد السكان المتواجدين بالأشرفية والمستفيدين من الخدمات العامة 800 ألف نسمة، الأمر الذي تسبب بعجز في الخدمات بشكل عام وليس للمؤسسات الخيرية فقط. وهذا يحتاج إلى تعديل في طبيعة الأعمال الخيرية والمبادرات، وتعاون من جهات تساند الجمعيات في تقديم المساعدات لهؤلاء الوافدين بحسب المناطق التي تتبع لها هذه الأسر.
ويرى رئيس الجمعية أن العمل الإنمائي هو الحل للتخفيف من المساعدات الإغاثية والتحول إلى التدريب وتعليم المهن وتقديم المستلزمات التي تساعد هذه الأسر للقيام بمشاريع صغيرة خاصة بها.
5200 أسرة مسجلة:
بالسياق نفسه يبين علي زغلول رئيس جمعية الكسوة للأعمال الخيرية المسؤولية الكبيرة التي تحملها الجمعيات الخيرية على عاتقها لتطوير عملها الإغاثي وابتكار أدوات جديدة للتوجه نحو الجانب الإنمائي لمساعدة العائلات في تحسين حياتهم المهنية والاجتماعية وحتى التعليمية، وعلى الرغم من أن الجمعية بدأت أعمالها خلال سنوات الأزمة عام 2015 إلا أن هناك مئات المستفيدين، وبحسب ما أكده فهي تقدم المساعدات المتمثلة بالسلة الغذائية لأكثر من 5200 أسرة بالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي وتعطي اهتماماً كبيراً لملف الأرامل إذ تقدم مساعدات لأكثر من 572 امرأة فقدت زوجها مع رواتب شهرية بمبلغ إجمالي يصل إلى مليون و200 ألف ليرة سورية.
برامج التصدي للجائحة:
وفيما يخص المبادرات المتعلقة بالتصدي لفيروس كورونا أكد محمد اللحام أمين سر الجمعية أنه في ظل الأزمة الراهنة لجائحة كورونا تكاتف الجميع في المنطقة من جمعيات ومجلس بلدية ومراكز صحية، لنشر التوعية بخطورة الفيروس، بخاصة أن الناس في الفترة الأولى لم يأخذوا الموضوع على محمل الجد، ولم يتقيدوا بالإجراءات الاحترازية ولهذا تضاعف دور الجمعية ضمن الخطة الوطنية للاستجابة الطارئة خلال فترة الحجر الصحي من خلال القيام بحملات التوعية عن طريق الإذاعة ومكبرات الصوت وسيارات الجمعية، رافقها تقديم مساعدات للأسرة المسجلة في الجمعية وإيصال المعونة إلى البيوت، والعمل على تحقيق التباعد المكاني وتوزيع الكمامات والمواد المعقمة لجميع المستفيدين.
وأوضح اللحام أن حملات تعقيم المدارس والمستودعات وبعض الأماكن الرسمية والعامة وبعض الأحياء مستمر حتى الآن بشكل دوري وبالتنسيق مع الجهات المعنية. بالتزامن مع حملات التوعية لتنبيه الناس أن كورونا لم تنتهِ وعليها الاستمرار بالحماية الشخصية.
لدعم سبل العيش:
يبين أمين سر الجمعية استمرارهم بالأهداف الإغاثية والخيرية إلى جانب شراكات مع جمعيات وجهات رسمية لتحقيق أهداف تتعلق بحماية الطفولة والحد من التسول، وأخرى موجهة للحماية الصحية بالتعاون مع جمعية الصحة الخيرية، من خلال القيام بمسح صحي كامل للأحياء ومعرفة الفئات التي تحتاج إلى الدعم. والعمل على تلبية قرار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل للتعاون مع المجلس الدنمركي لتعليم السيدات مهنة الخياطة حيث تم إرسال 40 مشاركة للاستفادة من المشروع وحالياً هناك تعاقد مع المجلس للقيام بورش خياطة وحلاقة وصيانة موبايلات ودورة محاسبة.
من الاحتياج إلى الإنتاج:
التوجه نحو العمل التنموي أمر مهم في المرحلة المستقبلية ولهذا وبحسب القائمين على الجمعية يتم العمل حالياً على شعار من الاحتياج إلى الإنتاج بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي الذي يهدف للانتقال من تقديم لقمة العيش إلى تأمين فرصة للعمل، مع التركيز على مشاريع الحدائق المنزلية من خلال تقديم المعدات والأدوات التي تساعده على العمل الزراعي وفقاً لمبادرة سورية عيونها خضر، ومشاريع خاصة بتشغيل السيدات وأفراد من أسر الشهداء حيث يصل عدد المسجلين إلى 300 أسرة شهيد،
ياسين نداف مسؤول برنامج دعم المرأة الحامل في جمعية الكسوة للأعمال الخيرية أشار إلى عدة مبادرة موجهة للاهتمام بالحوامل وفقاً لمعايير منظمة الأغذية العالمية، بحيث تستفيد كل امرأة حامل مسجلة بالجمعية من سلة غذائية ورعاية طبية خاصة وبطاقة مالية بقيمة 40 ألف ليرة سورية تقدم شهرياً لأكثر من 4000 مستفيدة من منطقة الكسوة ومحيطها مع الاستمرار بتقديم المساعدات لهن حتى بعد الإنجاب لمدة ستة أشهر.
مواطن الخلل:
لم يتم إيقاف التراخيص للجمعيات فهناك حاجات متزايدة لعملها على أرض الواقع ولكن هناك شروط تضعها وزارة الشؤون الاجتماعية تتعلق بعدم وجود أهداف مشتركة لجمعيات تعمل بنفس المنطقة ولا بد من التنوع بين جمعيات خيرية وصحية وتمكين وتعليم، وهناك تقييم عام للجمعيات لتصويب عملها أو اتخاذ عقوبات بحقها.
SHARE