الفنون السبعة

المكتبة الإلكترونية تنهي عصر الرومانسيات!

هوى الشام|  يقرأ الفرد العربي نصف صفحة سنوياً، ويطبع المؤلف ألف نسخة من كتابه في أفضل الحالات يبقى معظمها في المستودعات، في حين تتضاعف هذه الأرقام عشرات المرات في الدول الغربية، رغم تطورها التقني وانتشار الأجهزة الحديثة للموبايلات والانترنت السريع إلى جانب مواقع التواصل الاجتماعي التي تقدم جميع الخدمات. فتبعات الجهل والأمية المقنّعة لا يتحملها العصر التكنولوجي، لأن العرب قبل انتشار التكنولوجيا لم يكونوا من أفضل القراء في العالم، وربما تعود المسألة إلى الواقع الاقتصادي الصعب والدخل المتدني وانتشار البطالة وغير ذلك من الظروف المعيشية التي يمكن أن تؤثر في الاهتمام بالثقافة.

يبكي الكثيرون على انتشار الكتاب الإلكتروني وتبدل عادات القراءة الممتعة من الورق الأسمر والأبيض، وكأن العربي كان يتصدر القوائم العالمية في حجم القراءة.. ومع يقيننا أن كل عصر سيمتلك رومانسياته عاجلاً أم آجلاً، فإن ندب الطقوس القديمة والبكاء على أطلال الكتاب الورقي، يعدّ ظاهرة متعلقة بالظروف النفسية التي يعانيها معظم العرب عندما يقارنون الماضي بالحاضر فيستنتجون أن الماضي كان أفضل وأكثر جمالاً، وذلك يعود بالطبع إلى عدم مشاركتهم في الاختراعات الحديثة على صعيد التطور التقني الذي يشهده العالم ككل.

الهدف هو القراءة، سواء كانت عبر الموبايل أم اللاب توب، أم الورق والجرائد، فالمهم أن يحصل هذا الفعل الذي يرتقي بعقل الإنسان ويجعله يعرف ما يجري في العالم فيحسن أدواته وسلوكه وتربية أبنائه بالشكل الذي يبدو حضارياً قدر الإمكان. تعلق الفرد العربي بالشكليات عوضاً عن جوهر الأشياء، صار ظاهرة منتشرة بكثرة في العصر التكنولوجي، فالجميع علماء، والجميع أصحاب مشاعر مرهفة، والجميع شعراء، بل إن بعض الأفراد يمتلكون كل تلك الصفات ويستطيعون التنظير فيها حتى لو كان رصيدهم من الخبرات صفراً. هكذا تبدو التكنولوجيا وهي تمضي بتعرية المجتمعات بقوة وجرأة، فسهولة الانتشار أصبحت محرضاً على كشف المستور على عكس ما كان الأمر عليه سابقاً، ولهذا قد تبقى المجتمعات العربية فترات طويلة من الزمن تحت الثقافات الاستعراضية الفارغة من المضمون والمبهرجة في الشكل. اليوم يكثر الشعراء ويقلّ الشعر، ويتضاعف عدد الممثلين ويخف عدد النجوم، الفنانون بالآلاف لكن المبدعين يحصون على أصابع اليد، والسبب المرجح في كل ذلك أن العرب لا يقرؤون، ويبحثون في كل ساعة عن مبرر لعدم قراءتهم حتى لو كان اختصاصهم يتطلب الكثير من القراءة. إنها مشكلة الخروج من ممارسة أي دور في صناعة حضارة اليوم وتحولنا إلى مستهلكين للتقنيات، حيث تصبح هذه السلوكيات احتجاجاً ضمنياً أو دفاعاً سلبياً عن الإخفاقات التي تعرضنا لها.

عندما ماتت القراءة، لم يبكِ العرب ولم يندبوا حظهم، مثلما فعلوا على الكتاب الورقي، وكأن رفوف المكتبات تملأ المنازل العربية “الشرحة” والكبيرة ولا ينقص المرء إلّا أن يختار وينتقي في أي العلوم يقرأ. من الطبيعي أن نطالب في هذه المرحلة بإحياء القراءة والتحريض عليها قبل البكاء على انحسار الكتاب الورقي الذي لا يحضر في حياتنا ولا يؤثر فيها بالشكل المطلوب.

المصدر:تشرين

((  تابعنا على الفيسبوك   –  تابعنا على تلغرام   –   تابعنا على انستغرام  –  تابعنا على تويتر ))

hawa alsham

Recent Posts

تجهيزات رقمية جديدة لحماية التراث الثقافي السوري

هوى الشام| قدمت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، يوم السبت 6 كانون الأول، تجهيزات…

13 ساعة ago

تفكيك محطة قطينة القديمة استعداداً لإنشاء محطات كهربائية حديثة

هوى الشام| باشرت وحدة العمليات التشغيلية في المنطقة الوسطى – دائرة تنفيذ الوسطى، أعمال تفكيك تجهيزات…

13 ساعة ago

ملتقى “بصمة فن” بدمشق يبرز إبداعات المرأة السورية ومشاريعها الصغيرة

هوى الشام| شهد فندق الشام في دمشق فعاليات ملتقى "بصمة فن" لدعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر،…

13 ساعة ago

نجاح معرض سوريا الدولي للنفط والغاز والطاقة وتوقيع اتفاقيات تعاون

هوى الشام| اختتمت مساء اليوم فعاليات معرض سوريا الدولي للنفط والغاز والطاقة (SOG) على أرض مدينة…

13 ساعة ago

انطلاقة صناعية جديدة في سوريا: طرح الإسمنت البوزلاني 42.5 – CEM II

هوى الشام| بمناسبة عيد التحرير، أعلنت الشركة العامة لصناعة وتسويق الإسمنت ومواد البناء "عمران" عن إطلاق…

13 ساعة ago

انعقاد المؤتمر التأسيسي الأول لمجلس قبائل الشركس في دمشق

هوى الشام| انعقدت في فندق البوابات السبع بدمشق أعمال المؤتمر التأسيسي الأول لمجلس قبائل الشركس،…

14 ساعة ago

We use cookies to ensure that we give you the best experience on our website.