خاص هوى الشام| في أمسية دافئة احتضنها مسرح الحمراء بدمشق مساء اليوم، أعادت جوقة “ذهب عتيق” بإشراف المايسترو شادي إميل سروة إلى أسماع الجمهور ألحان الزمن الجميل عبر حفلها الجديد بعنوان “نثرات من الزمن الجميل”، الذي أقيم برعاية مديرية المسارح والموسيقا في وزارة الثقافة، مقدمةً باقة من الأغاني التي جاورت الوجدان السوري والعربي، وعاشت في ذاكرته عبر عقود.
الحفل الذي امتلأت به قاعة المسرح تصفيقاً وحماساً، كان مساحة لقاء بين الحنين والفرح، إذ توزعت أصوات السيدات على مقامات الطرب الشرقي الأصيل، فحلّقت بين نغمات الفرح الشامي والعشق اللبناني والأنين المصري.


برنامج الحفل: رحلة على أوتار الذاكرة
قدّمت الجوقة برنامجاً غنياً تميز بالتنوع والتوازن بين الكلاسيكي والشعبي، جمعه خيط واحد هو “الجمال”، إذ تنوّعت الأغاني بين روائع نصري شمس الدين في “هدوني هدوني”، وزكي ناصيف في “اشتقنا كتير”، مروراً بـ”زوروني كل سنة مرة” للشيخ سيد درويش، ووصولاً إلى زياد الرحباني في “خايف كون عشقتك”.
كما صدحت الجوقة بموشح “غريب الدار”، وأغنية “جاياتني مخبايا” للفنان موفق بهجت ، واختُتمت الأمسية بوصلة من القدود الحلبية والأغاني الشامية التي أشعلت القاعة بالتصفيق والفرح والغناء ، مثل “الدلعونا” و”آه يا حلو” و”صيد العصاري”.

رافقت الجوقة فرقة موسيقية قوامها نخبة من العازفين السوريين المتميزين وهم:
عماد مرسي (تشيلو)، محمد حايك (ناي)، جوزيف مصلح (عود)، محمد جمال (غيتار)، غطاس سمعان (أكورديون)، مهدي مهدي (كمان)، علي أحمد ويونس غضبان (إيقاع).
المايسترو شادي سروة: “ذهب عتيق… سوريا مصغّرة تتوهج فناً”

في تصريحه لـ”هوى الشام”، وصف المايسترو سروة الجوقة بأنها “ليست مجرد مجموعة غنائية، بل انعكاس حيّ لصورة سوريا السيدة القوية، الحضارية، المفعمة بالحياة والمنغمسة في الثقافة”.
وأضاف سروة: أن “سيدات جوقة ذهب عتيق يمثلن تنوّع بلدي وغناها، ويكسرن الصورة النمطية عن دور المرأة، ليثبتن أن الفن مساحة للحرية والجمال والمقاومة أيضاً”، وأوضح أنه يؤمن بأن كل أغنية في هذا البرنامج تحمل قطعة من الجمال تستحق أن تُسمع من الجيل الجديد الذي ربما لم يعرف بعد نكهة الزمن الجميل.
الدكتورة لميس يوسف: “نغني كي نحفظ ذاكرتنا الجمعية”

من جانبها، أوضحت مديرة الجوقة الدكتورة لميس يوسف أن هذا الحفل هو تتويج لتسع سنوات من الجهد والإصرار، وقالت في حديثها لـ”هوى الشام”: “نحن مجموعة سيدات جمعنا حب الغناء والتراث رغم كل التحديات، حيث بدأنا مسيرتنا مع الراحل الأستاذ حسام الدين بريمو، ونواصل اليوم مع المايسترو شادي سروة ونحن نحمل راية واحدة عنوانها إحياء تراثنا الغنائي وحماية ذاكرتنا الجمعية من النسيان”.
وأشادت يوسف بدعم وزارة الثقافة ومديرية المسارح والموسيقا التي قدّمت للجوقة مساحة التدريب والرعاية منذ تأسيسها، مضيفةً أن اختيار مسرح الحمراء هذا العام جاء نتيجة اتساع جمهور “ذهب عتيق” وازدياد عدد محبيه.
سوسن عوام: “نغني للتراث… وننذر أصواتنا للإنسانية”

أما سوسن عوام، مديرة العلاقات العامة في الجوقة، فعبّرت عن سعادتها بالنجاح الكبير للحفل، قائلة: “نحن نساء يمثلن النسيج السوري بكل ألوانه، يجمعنا شغفنا بالموسيقى وحبنا للتراث كي لا يندثر”.
وأضافت عوام: “نعمل كخلية نحل، هدفنا أن نُسهم كلٌّ بطريقتها في أن تبقى الجوقة مشعّة بالحياة والعطاء”. وأوضحت أن “ذهب عتيق” لا تقتصر على الغناء، بل تنشط أيضاً في العمل الإنساني من خلال المشاركة في حفلات لدعم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وجمعيات الإغاثة والمدارس، مؤكدة أن “الفن في جوهره رسالة إنسانية قبل أن يكون استعراضاً جمالياً”.
لمحة عن الجوقة

تأسست جوقة “ذهب عتيق” الغنائية في شباط 2016 ضمن نشاطات المجتمع الأهلي، وانطلقت من مجمع دمر الثقافي برعاية وزارة الثقافة، وتولى تدريبها في بدايتها المايسترو الراحل حسام الدين بريمو، لتُكمل مسيرتها لاحقاً مع المايسترو شادي إميل سروة.
وتضم الجوقة سيدات من مختلف شرائح المجتمع السوري، ما يجعلها مرآة للغنى الاجتماعي والتنوع الثقافي في البلاد، وتهدف إلى ترسيخ ثقافة جماعية معاصرة تدمج الأصالة بالتجديد، وتسهم في صناعة مستقبل يحتفي بالجمال والهوية السورية الأصيلة.


