ساحات المواجهة على مواقع التواصل
هوى الشام من مرام قباقلي| لطالما كانت مواقع التواصل الاجتماعي منبرا مهما لإيصال المعلومات وانتشارها بأسرع وقت ممكن وكسب الرأي العام وهو ما حاولت استثماره “إسرائيل” منذ الساعات الأولى لعملية طوفان الأقصى عبر ترويج معلومات تضليلية في مواجهة ما بثته المقاومة الفلسطينية … فكيف تعاطت  تلك المواقع مع معركة طوفان الاقصى لكلا الطرفين؟
ملايين الدولارات أنفقت من جانب الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء معركة طوفان الأقصى هذا الاهتمام لم يكن وليد اللحظة فقد عمل الاحتلال الاسرائيلي على كسب الرأي العام الغربي وأولها الولايات المتحدة الأمريكية  منذ سنوات طويلة وهذا انطلاقا من فكرة أطلقها الاحتلال عام 2010( الدول في الحرب العسكرية الجديدة لا تكسب في  ساحات المعركة فقط  بل تكسب الحرب في عقول الناس)، وفي عام 2013 وسع مكتب نتنياهو نشاطاته على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال الاتصال مع اتحاد الطلبة الإسرائيليين ، حيث جند عددا منهم لتلميع صورة الاحتلال أمام العالم وكسب تأييد الجميع أنهم مسالمون يبحثون عن السلام.
تطور التكنولوجيا وانتشار الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي جعل لمعركة طوفان الاقصى وجها آخر، اعتمدت المقاومة الفلسطينية فيه على الصورة الذهنية ورأينا خطوات المعركة بشتى تفاصيلها، فحرب الصورة كشفت حقيقة كذب كيان الاحتلال وصورت ضعفه  وهشاشته وإجرامه من خلال قصفه وقتله النساء والاطفال والأبرياء ووثقت حرب المواقع  كل الضربات التي توجه للاحتلال ووثقت عدد قتلاه التي يخفيها ،  كما زادت تمسك أهالي القطاع بأرضهم وثقتهم بالنصر فعمل الاحتلال على حجب صوت فلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي رغبة منه في السيطرة على مجريات الأحداث وإعطاء صورة واحدة مطلقة للعالم.
الاحتلال اعتمد خطوات عدة  لتلميع صورته إعلاميا من خلال شقين:
• الشق الأول : يتعلق بالقنوات التلفزيونية التقليدية كالتلفزيون والراديو  فلم يكن صعبا عليها توجيهها لسبب بسيط أنها قادرة على التحكم بها لأن هذه القنوات بحد ذاتها وسيط في نقل الصورة من الواقع إلى الجمهور كشبكة سي ان ان البريطانية وبي بي سي الامريكية ورويترز.
•  أما المعركة الحقيقية  فكانت في الشق الثاني  عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تنقل الحدث إلى الجمهور دون وسيط، ومعركة طوفان الاقصى دفعت بالاحتلال الإسرائيلي إلى نشر عشرات الإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي وأولها (فيسبوك) الذي تمتلكه شركة ميتا ، وهذه الإعلانات  تضمنت  صورًا وحشية  ورسوما تستجدي العواطف، كما صورت من خلالها حركة  “حماس” جماعة إرهابية شريرة”، على غرار تنظيم “داعش” مع  دمج اسمي “المنظمتين الإرهابيتين” في اسم واحد، وإلى نشر صور مزيفة معدلة بالذكاء الاصطناعي تبين لاحقا أنها تعود ل كلب، وادعى الاحتلال أنها  لأطفال قتلوا وروايات كاذبة لم تحدث،  إضافة إلى حسابات وهمية مزيفة ولجان إلكترونية ومشاهير مؤيدة للاحتلال الاسرائيلي يتحدثون بلغات مختلفة لشيطنة الفلسطينيين وتبرير الهجوم الوحشي الفاشي على القطاع.
لم يكتف الاحتلال بالفيسبوك بل استخدم  (انستغرام وواتساب ، ويوتيوب وإكس ( توتير سابقا) مع التضييق الشديد على أي محتوى يساند القضية الفلسطينية أو يشرح حقيقة ما يجري من أحداث مادفع بالفلسطينيين وعلى رأسهم المقاومة الفلسطينية ذاتها والمتعاطفين معها إلى منصتين غير أميركيتين:
الأولى :  هي تطبيق ( تليغرام) الذي يحتوي على نحو 800 مليون مستخدم، وهو يتيح بالفعل حرية نشر أعلى بكثير مما تتيحه المنصات الأميركية، ويتميز بخاصية شديدة الأهمية وهي إمكانية نشر قصص لمجموعات  يبلغ عدد أعضائها 200 ألف ويتيح إنشاء قنوات تضمن عددا غير محدد من المستخدمين المشتركين بالقناة.
• لكن في المقابل فإن حرية النشر هذه المتاحة في تليغرام، سيف ذو حدين، فهذا التطبيق لا يتضمن خوارزميات تحكم بالمحتوى، ما جعل منه أيضا مرتعا لخطاب الكراهية والتحريض على العنف ضد الفلسطينيين.

• أما المنصة الثانية:  فهي تطبيق تيك توك الذي يتيح نشر مقاطع فيديو صغيرة، حيث يملك هذا التطبيق -الصيني الأصل- مليار مستخدم نشط شهريا، وشعبيته فائقة بين فئة الشباب والمراهقين، لكن مقرات التطبيق وخوادمه الحالية توجد في الولايات المتحدة وتخضع للقوانين الأميركية، لهذا نجده بدأ بحظر كثير من المحتوى المساند للقضية الفلسطينية، وخاصة بعد عملية طوفان الأقصى، رغم أنه ما يزال أكثر مرونة من نظرائه مثل منصات ميتا وإكس.

وسائل الإعلام الاجتماعي باتت تلعب دورا مهما في المواجهة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إذ يحاول كل طرف منهما الاستفادة من أدواته الإلكترونية لإيصال صوته وحشد الدعم العالمي معه ولا تعتمد هذه المواجهة المباشرة في العالم الافتراضي على الوسوم والوسوم المضادة، فقط، بل باتت تتخذ أبعادا وأشكالا متنوعة كاستخدام الكاريكاتير الذي يعبر عن المحتوى الذي يطرحه كل طرف فيما يريد إيصاله للعالم.
SHARE