دمشق _ هوى الشام من رامه الشويكي

حين يكون الإبداع الأدبي بوصفة طبية …”الحلم المحقق هو مقدمة للسعي وراء حلم جديد …. ” و”الطموح الحقيقي لا سقف له”.. 

“كن أنت المفترق …فلايكونن ما بعدك كما كان ماقبلك”،”انظر إلى من حولك .. وعش أيامك بصدق مع نفسك !” كلمات عندما تقرأها للوهلة الأولى تشعر أن هناك من يحدثك عن نفسك لكنك لا تلبث أن تكتشف ان من كتبها لبطلي روايتيه “رحلة إلى المريخ” و”أنا أعرف من قتلني ” يريدك  أن تكون بشكل او بآخر بطلاً في حياتك الخاصة وحياة من حولك تلك الكلمات المبدعة التي تعكس فكر وثقافة كاتبها غدت اليوم شعاراً لكثير من القراء فمن النادر أن يجتمع الطب والأدب معاً في شخص واحد ويكون في كل منهما نموذجاً للإبداع والتفرد إنه الطبيب والكاتب والأديب السوري نبيل نادر قوشجي تخرج من جامعة دمشق كلية طب الأسنان “طبيب أسنان عام1997” أستاذ التشريح المرضي للفم في جامعة دمشق والجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا ،مشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعة دمشق ، الحائز على ماجستير ودكتوراة في علوم طب الأسنان من المملكة البلجيكية،عضو الأكاديمية العالمية للتشريح المرضي فرع أوربا الغربية وعضو الجمعية الملكية البلجيكية للتشريح المرضي الحائز على جائزة (Robert Frank) من الأكاديمية العالمية لبحوث الفم ، بالإضافة إلى كونه محكم دولي للمقالات العلمية في أربع مجلات محكمّة ومؤسس دار القوشجي للنشر (الوكيل الحصري للكتب الطبية ثنائية اللغة في العالم العربي) في حصيلته حتى الآن أربعة عشر كتاباً طبياً باللغة العربية (كلها مطبوعة وموزعة في أنحاء الوطن العربي) ثلاثة كتب طبية (مطبوعة بعقد طباعة مشترك مع دار النشر Elsevier) و مترجمة عن الإنكليزية وصدرت بصيغة الكتاب ثنائي اللغة لأول مرة في العالم ابتداءاً من عام 2010، روايتين الأولى (رحلة إلى المريخ ) التي صدرت باللغتين العربية والإنكليزية منذ سنتين وجابت أصقاع الأرض ورواية (أنا أعرف من قتلني ) التي صدرت منذ ثلاثة أشهرتقريباً ومالبثت أن أصبحت مثل سابقتها حديث وسائل الإعلام العربي فقد نشرت الصفحة الثقافية لجريدة الأيام الجزائرية تحقيق صحفي عنها الشهر الماضي وكذلك جريدة البناء اللبنانية وتحدث عن الرواية كل من المواقع التالية : سانا ، أنا يمني ، حديث المدينة ، بيت الفن وغيرها ….

لنتعرف أكثر على عالمه الخاص وتجاربه الأدبية المتفردة كانت لنا معه هذه الرحلة ……

– كيف بدأت الكتابة ؟ فعلياً أول مرة أمسكت بها القلم وخططت حرفاً كنت في الثالثة من عمري، يومها كان أول كتاب أتممت قراءته ولكي أكون صادقاً ودقيقاً فهو أول كتاب تمرعلى حروفه عينيّ إذا لم أكن أقرأه بالمعنى الحرفي للكلمة وإنما كانت والدتي – رحمها الله – قد علمتني يومها رسم حرف الواو (و) وطلبت مني أن أضع دائرة حول كل حرف واو يمر علي في قصة (ذي الأنف الطويل – من سلسلة المكتبة الخضراء) وقد أتممت المهمة بعد ساعات شاقة ولم يكن الإتمام كاملاً لكنّها أول تجربة لي مع الورق والقلم، مرّ على هذه القصة ما يقارب الأربعين عاماً ومنذ ذلك الحين قرأت الكثير الكثير وكتبت الكثير أيضاً، كانت أول محاولاتي للكتابة الطويلة هي التعريب (وليس الترجمة) حيث كنت أحب أن أطلب من أساتذتي في الجامعة أن أعرّب بضع مقالات من هنا أو هناك فأقوم بترجمة النص الإنكليزي ثم أعيد صياغته ليكون نصاً عربياً بروح عربية وليس بأحرف عربية وحسب، وبمرور الأيام أضحيت ودونما وعي مني … كاتباً!

2- إضافة إلى الأهداف المعرفية مالذي يدفعك للكتابة الأدبية وحي الفكرة أو حالة نفسية أم ظروف خارجية ؟ذلك يعتمد كلياً على طبيعة النص، فأمام فكرة معينة قد أكتب خاطرة وأنشرها مباشرة على صفحتي على الفيسبوك وأمام ذكرى فالنص سيكون على شكل مقامة ، أما الكتابة الطويلة (الرواية) فهي شيء مختلف، يبدأ ببلورة الفكرة التي تعكس الرسالة التي أود إيصالها ثم تنحت الأفكار وتُطَعّمُ بالمعلومات لجعلها أكثر غنى ويصاغ القالب العام فإن انتهيت من ذلك بدأت سكب الحروف على الورق.

٣- بمن تأثرت من الكتاب العرب والعالميين؟  قرأت للكثيرين عرباً وأجانب، شرقاً وغرباً لكنني كنت ولا زلت أتأثر بالشعر دون النثر والشعر العمودي دون سواه وأميل للشعر القديم … القديم.

٤-أنت نموذج يحتذى به لكثير من طالبي العلم ، من هو المثل الأعلى بالنسبة لك؟

والدي، إذ أراني سائراً على نهجه بإطاره العام وإن اختلفت المسميات العامة.

٥-باعتبارك أول من نشر كتب اكاديمية ثنائية اللغة؟ كيف تقيم أهمية ذلك للقارىءالعربي ؟

لنكن صريحين قضية التعريب شائكة وللأسف فإنّ طرفي النقاش متشبثان برأيهما، فالمدافع عن التعريب وأنا منهم يرى أن أساس النهضة والعودة إلى ركب التقدم هو بتبني التدريس كاملاً باللغة الأم، والطرف الآخر يرى أننا بذلك نضع العربة أمام الحصان، ولأنّ الزمان لا يسع لقرن آخر من انتظار أن يغير مناهضوا التعريب رأيهم فاخترت أن أدمج الفكرتين التعريب والتدريس بالمراجع الأجنبية في آن معاً، ونجحت الفكرة إلى حد كبير، فالقارئ الذي يدرس بالعربية يستطيع تقوية انكليزيته إضافة لأخذه المعلومة من أمهات الكتب، والقارئ العربي الذي يدرس بالانكليزية سيجد النص العربي مساعداً له في إتمام الفهم (والفهم باللغة الأم أعلى مقاماً وأكثر ترسخاً وأبسط) وسيجد مصطلحات بسيطة يفهمهما مريضه لإيضاح فكرة مرضه له.

٦- في رواية (رحلة إلى المريخ ) كيف استطعت أن تحقق التوافق بين التوثيق العلمي والحبكة القصصية ؟ 

قبل أن ابدأ بكتابة نص طويل وقصدت منه أن يكون رواية كان في بالي سؤال مفصلي: هل ستكون قراءة الرواية للمتعة البحتة!؟ ولأنني أردت أن يكون الجواب: إنّ قراءة الرواية هي متعة وفائدة فقد اخترت أن أدخل في سياق القصة الكثير من المعلومات حتى يكون القارئ في آخر النهار وبعد أن يطوي آخر صفحة من الرواية قد وجد المتعة والفائدة معاً. ذاك ما أردت ابتداءاً ومن تعليقات القراء (من أعرف ومن لا أعرف منهم) أراني قد وفقت لذلك.

٧- بعد نجاح (رحلة إلى المريخ ) الرواية التي قرأت في جميع أنحاء العالم هل شعرت بالخوف من الخطوة التالية أم كتبت رواية ( أنا أعرف من قتلني ) بارتياح كامل ؟ 

لن أصف الشعور بالخوف، وإنّما بالتحدي، التحدي المحبب للنفس الشاحذ للهمم، ولعلّ نجاح الأولى كان مدعاة لدخول عالم الثانية بخطى واثقة.

٨- في رواية (أنا أعرف من قتلني) مزيج من الغموض و الفلسفة والمعلومة وفيها أسلوب جديد للرواية (الخط الأزرق، الشخصيات التي بلا اسماء، الثلاث خطوط التي كتبت بها والتحدي المطبوع على الغلاف الخارجي ) ما الذي دفعك إلى طرح رواية الغموض والجريمة بأسلوب جديد؟ received_1639274256295114

عندما ظهرت الأولى للوجود وانتشرت أكثر مما توقعت لها كان هناك جملة ترددت كثيرا على مسامعي من القراء هي: (ظهر كاتب جديد في عالم الخيال العلمي عند العرب)، في الواقع أطربتني الجملة ولكنّها حفزت عندي الكتابة في خط مختلف من باب التحدي، على أيّة حال كان لا بد من أن أحفر خطاً جديداً ينسب إليّ، هذا الخط يتضمن: المعلومة الثقافية والفائدة إضافة إلى المتعة، وتحدي القارئ

كلتا الروايتين يتضمنان ذلك، وبحسب القراء (جلّهم) فكلتاهما حققتا ذلك، لا ننسى أن غلاف رواية رحلة إلى المريخ الخلفي حمل تحدياً للقارئ أن عليه أن يقرأ الرواية مرتين، ولأن من لم يكن في زيادة فهو في نقصان جاءت الرواية الثانية بتحدٍ ثلاثي هذه المرة!

٩- خبرتك في مقتضيات الطب الشرعي خدمت رواية (أنا أعرف من قتلني ) إلى حد كبير هل من الممكن أن تكرر تجربة رواية الجريمة والغموض مرة ثانية استناداً لخبرتك هذه؟ 

المعرفة العامة والتي تدعى الثقافة العامة إضافة للطب خدمت الروايتين.وربما أكرر تجربة رواية الغموض والجريمة مرة أخرى لكن بالتأكيد جانب الطبيب سيكون حاضراً في إنتاجاتي جميعاً وستحمل الروايات القادمة الثالثة والرابعة وأخواتهن الكثير من شخصية الطبيب الكاتب فيهن.

١٠- هل تعتقد أن الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في تثقيف الشباب دور أساسي لاسيما أنك على تواصل مع نادي شام للقراء وغيره ،أم أن كثير منهم يسيء استخدامها؟ 

فلنقل إنّها أمر واقع، هي موجودة إن لم نملؤها بالخير ملأها غيرنا بما شاء

11ـ لابد أنك تلقيت عروض للعيش والعمل في الخارج و رغم ذلك فضلت البقاء و المساهمة في الحركة العلمية والتعليمية مارأيك بخطورة سفر الشباب في الوقت الحالي لاسيما أصحاب الكفاءات العلمية أوما يسمى بهجرة العقول ؟ 

لا ألوم أحداً على قرار السفر ولن أدخل في إطار التنظير، ولكن من استطاع أن يبقى في بلده ويساهم في بنائها فليفعل.

12- بعد ما حققته ونلته من شهادات هل تعتبر أنك حققت أحلامك أم أن طموحك على الصعيد العلمي والأدبي لم يكتمل بعد؟ 

بالتأكيد لا، اكتمال الأحلام يكون حصراً بالوفاة ومن اكتملت أحلامه فهو ميت ينتظر الدفن على رأي جبران.

أما آدم (بطل الرواية الأولى) فيقول: مجنون أنا إن انحنيت تحت سقف الطموح، الطموح الحقيقي لا سقف له!

وأمّا القاضي (بطل الرواية الثانية) فقد وصل إلى أعلى ذروة الهرم الاجتماعي والنفسي (هرم ماسلو) ولم يشأ النزول.

الحلم المحقق هو مقدمة للسعي وراء حلم جديد وإلّا ما فائدة حياة الانسان!

13ـ  إلى من يدين الكاتب والطبيب والإنسان بنجاحاته ؟ 

بعيداً عن التنظير هم ثلاث دوائر أدور في فلكهن ويدرن في فلكي وأدين لهم بكل شيء:

أمي وأبي لتنشئتهما ومن ورائهما أخويّ (أختي وأخي) زوجتي لصبرها وتشجيعها ، أولادي لأن كل ما أفعل هو في سبيلهم وفوق كل شيء التوفيق من رب العالمين.

14- ما هي مشاريعك المستقبلية ؟

 مشاريعي المرحلية هي بضع كتب طبية وروايتان كلهم حالياً ملفات “وورد” على سطح الحاسب المسكين الذي لا يهدأ بين يديّ  وترجمة للغة ثالثة لرواية رحلة إلى المريخ بعد نسختيها العربية والإنكليزية.أما المشاريع المستقبلية فلا سقف لها!

15- كلمة لمتابعي موقع هوى الشام ؟ 

منذ مدة كتبت تعليقاً على صفحة فيس بوك لأحد زملائي تعقيباً على أحد التعليقات التي وردت من طالب ندرسه كلانا، فحوى التعليق كان تقريعاً للطالب على هفوة سقط بها وختمت التعليق بقولي: هل عرفتم لماذا لا أقبل أحداً من طلابي صديقاً لي على صفحتي حتى يتخرج ويصبح زميلاً لي ، المهم عاد الطالب وعلّق: (الله يسامحك يا دكتور والله أنا أحسن من غيري بكتير…) كان ردي عليه المكتوب: (عليك أن تكون الأفضل ولا تقارن نفسك بالأقل منك) أتمنى للموقع ولمتابعي موقع هوى الشام أن يكونوا الأفضل في قرارة نفسهم وفي الحقيقة. وأشكرك أخت رامه على وضع كلماتي على منبركم … دمتم ودام منبركم وعطاؤكم بألف خير…