هوى الشام

حققت الطالبات فرح جديد وهي من ذوي الإعاقة وأختها رغد ووالدتهما سوسن من سكان مدينة بانياس بمحافظة طرطوس نجاحاً متميزاً في الشهادة الثانوية العامة حيث تحولت إعاقة فرح لقصة نجاح للأسرة التي وضعت نصب عينيها التفوق والنجاح متغلبة على كل الظروف والصعاب.

فرح كفيفة البصر لكن بصيرتها كانت بقلبها وعقلها المنفتح الذي مكنها من الحصول على علامات متميزة في الشهادة الثانوية العامة الفرع الأدبي بمجموع وقدره 2080 وجاءت في المرتبة الأولى على ذوي الحاجات الخاصة والثامنة على مستوى محافظة طرطوس تؤكد في حديثها لمراسلة سانا أنها بفضل دعم أسرتها لم تشعر يوماً أن لديها وضعاً صحياً خاصاً أو أنه لا يمكنها تحقيق إنجاز أو هدف بل على العكس كان أفراد أسرتها بمثابة العيون التي ترى بها وخاصة والدتها وأختها رغد اللتين قدمتا معها امتحان الشهادة الثانوية العامة هذا العام.

قصة نجاح فرح ليست جديدة فقد سبق أن أحرزت العلامة الكاملة في امتحان الشهادة الإعدادية حيث بدأت رحلة جديدة في مسيرة العلم قبل ثلاث سنوات بمرافقة والدتها التي قررت ملازمتها بكل خطوة لتتمكن من تحقيق حلمها والاستمرار بالتعليم وتقول “أمي كانت تذهب معي للدورات.. ندرس معاً تعيد لي الدرس وكل فقرة مرات عديدة حتى أتمكن من حفظها وعندما كانت تشعر بأني تعبت تطلب مني أن نتبادل الأدوار حيث أسألها أنا وتجيب هي عن الأسئلة”.

لحظات كثيرة من الفرح والحزن مرت بها الأم وابنتها خلال مراحل الدراسة لكن الهدف وتحقيق الحلم كان أقوى يضاف إلى ذلك التشجيع والدعم الذي تلقته من والدها الذي كان يقول لها دائماً “سنبقى معك أنا وأمك وأخوتك حتى آخر خطوة”.

خلال دراستها استعانت فرح بمبادرة من القلب إلى القلب حيث قدم لها القائمون عليها تسجيلات صوتية لكامل المنهاج والتي كانت تستمع إليها لتحفظ دروسها في كثير من الأحيان وهو ما أسهم في تخفيف ضغط الدراسة عنها وعن والدتها وأختها رغد التي كانت تساعدها أيضاً.

لا تنسى فرح تقديم الشكر لكل من وقف بجانبها وأسهم في نجاحها ومنهم المدرسون الذين كانوا يحضرون إلى المنزل لإعطائها دروساً خاصة دون أي مقابل ولكل من ساهم في إنشاء المدارس الدامجة التي مكنت ذوي الإعاقة من تحقيق بعض أحلامهم وجعلتهم يحسون أنهم قادرون على القيام بنشاطاتهم الخاصة كأي إنسان سليم.

بدورها أعربت رغد أخت فرح الناجحة أيضاً في الثانوية العامة الفرع العلمي عن رضاها التام عن نتيجتها حيث تقول “حصلت على 2214 علماً أنني تابعت مع فرح دراستها وساعدتها بدراسة اللغتين الإنكليزية والفرنسية بشكل خاص”.

للأم التي آمنت بقدرة ابنتها دور في النجاح أيضاً حيث لاحظت ذكاءها وطموحها منذ الصغر فقررت أن تمشي معها في هذا الطريق الذي شكل حافزاً لها للتقدم للامتحانات مع ابنتيها مع أنها خطوة صعبة بالنسبة لها وخاصة أن لديها خمسة أطفال وتركت الدراسة منذ 20 عاماً.

التقدم للامتحان لم يكن أمراً سهلاً بالنسبة للأم لكن الدعم الذي تلقته من أفراد أسرتها ومتابعتها اليومية للدروس كأي طالب سهل المهمة حيث تقول كنت أحفظ الدروس وأتقدم للاختبارات التي يجريها الأساتذة لابنتي فرح.. كنا نسهر معاً نراجع كل الدروس ولم نترك أي ثغرة في المنهاج إلا وعملنا على مراجعتها لأننا وضعنا هدفاً بالحصول على أعلى العلامات.

مسيرة العلم لن تتوقف عند هذا الحد فالأم وابنتاها ينتظرون نتائج المفاضلة لتحديد الفروع الجامعية التي سيتقدمون لها لكن مسيرة الأم وابنتها فرح ستبقى واحدة حتى مرحلة التخرج.

سانا – غرام محمد
SHARE