خاص هوى الشام من مها الأطرش
حقيبة وجواز سفر ومحطة تنقلهم إلى حيث يجدون الأفضل في عيشهم ومستقبلهم ملاذ يجده السوريون في أحلامهم التي بددتها الحرب وشردتها طوابير الانتظار لتأمين مستلزمات الحياة الأساسية.

عشرة سنوات من الحرب هاجر خلالها الآلاف من السوريين هربا من الخوف والإرهاب أو منهم من اغتنمها فرصة لا تعوض للوصول إلى بلاد الأحلام كما غرستها الثقافات المتعولمة في العصر الحديث.

تفاصيل الحياة صارت اليوم مقلقة ومعاناتها فاقت طاقاتنا.. بات جل اهتمامنا منصب على تأمين ربطة الخبز أو جرة الغاز أو الفوز بمقعد لائق في وسيلة نقل.. نستهلك أنفسنا في معناتنا اليومية وعاجزون عن التفكير بالمستقبل لقسوة حال الحاضر بهذه العبارات يصف بعض السوريين بشرائحهم المختلفة لموقع هوى الشام الأسباب المنضوية وراء فكرة السفر التي تتردد اليوم في أذهانهم ويتبادلونها حديثا في جلساتهم.

عمرو الحلبي طالب هندسة كمبيوتر في بداية العشرينات من عمره يقول.. أدرس في ظروف صعبة يعانيها بلدي من حصار وعقوبات تجعلني غير قادر علي التنبؤ بمستقبلي حتى لا أعلم إن كنت سأتمكن من متابعة دراستي أم لا، لاسيما في ظل تفاقم الأوضاع وتردي الحال.

ويضيف عمرو في نفس الوقت لا أعرف ان كانت شهادتي الجامعية ستحقق لي العمل الجيد مستقبلا في ظل هذه الأوضاع.

الشيء الوحيد الذي يدركه عمرو هو رغبته بالسفر مفسرا ذلك بكونه طموح يبحث عن مستقبل أفضل ماديا وحياتيا ويقول “أبحث عن البلاد التي تحتاج خبرتي و أحتاجها للعيش .. فانا طالب أريد تلك الحياة التي أراها على التلفاز خارجا .. أرى أناس لا تعرف هموم الحياة التي عرفناها”.

رشا اللبان طالبة جامعية وموظفة في مقتبل الثلاثين تلتقي بأفكارها مع عمرو حيث ترى أن فكرة السفر تأتي من رغبة الإنسان بتطوير نفسه وحياته وتعزيز خبراته واكتساب ثقافة جديدة.

وترى رشا أن السعي وراء السفر في ظل الظروف الصعبة والضغوطات الكثيرة أمرا طبيعيا لاسيما عند الشباب الذين عاصروا الحرب واغلقت أمام أحلامهم وطموحاتهم الأبواب.

وتشير رشا إلى خريجي الجامعات الذين لا يجدون فرص عمل مناسبة لاختصاصهم والاستغلال الكبير الذي يتعرضون له في حال وجدوا عمل بحيث لا يكون الأجر بقدر الجهد والتعب.

ماهر عبود يعمل حلاقا نسائيا وهو رب أسرة في الأربعين من عمره يؤيد فكرة السفر ويعرب عن امتعاضه من صعوبة تأمين متطلبات الحياة الأساسية ويقول بقينا في البلد وتمسكنا فيها في أصعب الظروف لكن اليوم كل شيء حولنا يرفضنا ويجعلنا نفكر بالسفر والهجرة.

فانا كحلاق عملنا يعتمد بشكل رئيسي على الكهرباء وفي أوقات التقنين على البنزين والاثنتان غير متوفرين بالشكل المطلوب بما ينعكس سلبا على المدخول في ظل ارتفاع الأسعار.

في حين زوجته ياسمين مكارم تعارضه الرأي وتعرب عن رفضها القاطع لفكرة السفر لأنها تريد لابنتها أن تربى في وطنها وبين أهلها وتقول “كل هذه الظروف الصعبة ستمضي وسيأتي يوم نتذكر هذا الحال ولكن لن أترك بلدي وأسافر”.

أماني درويش موظفة وربة منزل تقول أنا لم أفكر بالسفر طيلة سنوات الحرب الماضية ولم أكن مشجعة لأي شخص سألني رأيي ووجهة نظري في هذا الموضوع لكن اليوم أبنائي يكبرون وكلانا يعايش تفاصيل حياتية مؤلمة في حيثيات الحصول عليها إضافة لكون أبنائي يكبرون ويجب أن يروا آفاقا مبشرة لمستقبلهم من حيث الدراسة والعمل وتأمين الحياة السعيدة لذلك بدأت جديا أبحث عن فرصة واتتبع دعوات الهجرة المنتشرة عبر الإنترنت علني أحظى بواحدة منها.

وتنتشر في هذه الآونة عبر مواقع التواصل الاجتماعي إعلانات الهجرة ودعوات التقديم عليها عبر مواقع الكترونية عديدة منها ما تعد بالسفر المجاني وأخرى عن طريق وسيط يحتمل العمولة والرسوم في خطوة تبقى مشبوهة ومصداقيتها معلقة لتثبتها الأيام.

وفي الوقت الذي ينشغل الشباب السوري فيه بالبحث عن مخارج لسلسلة الازمات المعيشية المتربصة بحياتهم تقتنص إحدى شركات الطيران في سورية الفرصة لتستثمرها في إعلان علق على مدخل مطار دمشق وحمل شعار “من دمشق إلى أحلامك ” حيث انتقده البعض واعتبره دعوة للهجرة بطريقة غير مباشرة.

وبينت المؤشرات الدولية مؤخرا أن الجواز السوري في المرتبة 103 عالميًا ويمكن للسوريين من خلاله زيارة 32 دولة فقط دون الحاجة لاستخراج تأشيرة دخول وحدد المؤشر الدول التي يمكن للسوريين الدخول إليها وغالبيتها من الدول الإفريقية في حين تضمنت فقط سبع دول عربية وهي:

الصين، ماليزيا، جزر المالديف، تيمور ليشتي، جزر الرأس الأخضر، جزر القمر، جيبوتي، غينيا، مدغشقر، موريتانيا، موزمبيق، رواندا، سيشيل، الصومال، السودان، تنزانيا، توغو، أوغندا ، أوقيانوسيا جزر كوك، ميكرونيزيا، نيوي، جزر بالاو، ساموا، توفالو، منطقة البحر الكاريبي دومينيكا،  وبوليفيا، الإكوادور إلى جانب  إيران، لبنان، اليمن.

دراسة : نصف الشباب العربي يرغب في هجرة بلاده

الاخصائية النفسية سناء منشأ تبين أن فكرة السفر ليست طموحا بقدر ماهي نمذجة  لما تعكسه الصورة الذهنية لحال ووضع المعيشة في الخارج والرفاهية التي تتمتع بها في الوقت الذي يعاني فيه السوريون اوضاعا معيشية صعبة جاءت نتيجة عدة عوامل منها الحصار والعقوبات في ظل الحرب التي تتعرض لها البلاد فأصبحت فكرة السفر مهربا او حلا للتغلب على صعوبات تامين أساسيات الحياة.
لكن في المقابل يجب أن يدرك الشباب أن لكل مشكلة حل وليست بالضرورة أن تكون الحلول باتجاه واحد بحسب منشأ فقد لا يكون السفر متاحا للجميع بنفس الدرجة وقد لا تكون فرصته واقعية كتلك التي نراها عبر وسائل التواصل الاجتماعي او عبر شاشة التلفاز.
رغم صعوبتها وقسوة حالها تبقى الحياة محطات تختلف باختلاف الظروف والأحوال وتبقى المتغيرات رهينة الوقت وتوضع الأسباب في رسم المعنين وتبقى الارض التي نتغنى دائما بأن عليها ما يستحق الحياة شاهدة معاصرة منذ الأزل على أشد وأحلك المحن التي مرت وطلع عليها نهار جديد.