هوى الشام| عشرات الأعمال التلفزيونية والإذاعية والمسرحية رفد بها شيخ كار الإخراج علاء الدين كوكش المكتبة الفنية السورية والعربية على مدى أكثر من خمسين عاما بذلها من عمره واكتشف خلالها مئات المواهب الفنية وأخذ بيدها إلى سلم النجومية ليكون بذلك أحد أبرز أعلام الدراما السورية.
الراحل الذي يعد بحق عراب الدراما السورية كان أول من قدم أعمال البيئة الشامية والسيرة الشعبية واستعان للارتقاء بالصورة والنص بثقافته الواسعة التي تجلت في مكتبته حيث ضمت أكثر من 30 ألف كتاب أهداها قبل 3 أعوام إلى وزارة التربية لإيداعها المكتبة التربوية الوطنية مما ينم عن انتماء وطني كبير وفكر معطاء.
ومع اقتراب أربعين الراحل كان حديث القلب من عدد من نجوم الفن والدراما وأصدقاء المخرج الذين تعاملوا مع صاحب المسيرة الفنية العظيمة شهادة بدوره البارز في النهوض بالدراما السورية.

ويمكنك قراءة :المخرج علاء الدين كوكش.. وداعاً ” 

المخرج الكبير محمد فردوس اتاسي يقول لـ سانا الثقافية: الراحل كوكش من جيل الرواد الذين أسسوا للدراما السورية في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي والنجاحات الكبيرة التي حققتها الدراما السورية كانت بفضل الاخلاص والجهد والعمل الدؤوب الذي اشتغله هذا المثقف الكبير مع مجموعة مخرجين مميزين صنعوا دراما جميلة وذات سوية عالية وعمق فكري وثقافي ومعرفي أكسبت الجمهور السوري قدرة لافتة على نقد الدراما العربية لأنه تأسس على دراما صحيحة مهمة ومميزة.
رفيق درب الراحل المخرج محمد وقاف الذي رافقه منذ عام 1989 كمساعد مخرج يقول: كوكش أحد أعمدة الدراما حيث جاء بعد الراحل جميل ولاية مشيرا إلى أن بصمة كوكش حاضرة في الأعمال الكبيرة منها حارة القصر وأسعد الوراق إضافة لأعماله في الدراما التاريخية والسيرة الشعبية التي نجح بها وكان رصيده كبيرا فيها كما فتح آفاقا جديدة أمام الدراما السورية بمدرسته المختلفة وتميز بعمله على النص المكتوب وبدفق الإحاسيس الكاملة مع الحالة الدرامية ليدفع الممثل ليقدم اقصى ما لديه من طاقة وأداء حيث كان لا يرضى إلا بالأفضل.
الفنانة القديرة وفاء موصلي لفتت إلى أن علاء الدين كوكش كان من أحد عمالقة الفن التلفزيوني والدرامي فأخرج أهم الأعمال كأولاد بلدي وسيرة بني هلال وغيرهما مبينة أن أول عمل لها في البيئة الشامية كان من إخراجه وهو أبو كامل والحركة الفنية في سورية فقدت برحيله أحد أعمدتها.
أما الفنان القدير بسام لطفي فأشار إلى أن أهم الأعمال التي أداها في مسيرته الفنية كانت من إخراج الراحل منها بيوت في مكة والوحش والمصباح والقربان آخر أعمال الراحل معربا عن حزنه لغياب شيخ المخرجين الذي كان أستاذا كبيرا في الدراما السورية.
أثر الراحل تجلى أيضا على جيل الشباب فالمخرج فادي سليم يصفه بالمدرسة من مدارس الاخراج لافتا إلى أنه تربى على اعماله وكبر عليها وتعلم منها الكثير ولا سيما على مستوى الصورة وعلى قدرته في تقديم المختلف مع كل عمل وآخر وأسلوبه الخاص في العمل الذي لا يشبه غيره من المخرجين مؤكدا أنه كان مبدعا متابعا ومجتهدا حتى في آخر أعماله.
النجم فادي صبيح أكد أن الراحل الكبير كوكش صاحب بصمات ذهبية في تاريخ الدراما السورية منذ كانت بالأبيض والأسود وأعماله لم تفقد أهميتها وألقها الشعبي ولكنه رأى أيضا أنه رغم خسارة الساحة الفنية السورية لمخرجين مهمين مؤخرا إلا أنها قادرة على الاستمرار من خلال وجود جيل مهم ورث من المؤسسين كنزا محال له الاندثار.
من الجيل الشاب المخرج يزن نجدت أنزور تحدث عن الاعمال الكبيرة للراحل التي وصلت لكل بيت في سورية والوطن العربي داعيا جيل الشباب إلى متابعة رسالة الكبار من المخرجين والتعلم منها بهدف صناعة دراما حقيقية صادقة وتحمل رسالة كبيرة تعبر عن الشارع السوري.
وتحدث شقيق الراحل الكاتب أسامة كوكش عن الإرهاصات الأولى للإبداع في حياة علاء الدين فكان منذ طفولته شخصا ذا خيال واسع يخلق القصص والروايات ويحكيها أمام الأهل متأثرا بوالدهما الذي كان مغرما بالمطالعة واقتنى مكتبة عامرة ما وسع مداركه ومعارفه وعندما وصل إلى مهنة الإخراج كان لديه نضج فكري كبير اشتغل عليه طوال مسيرته وتجلى في إبداعات مختلفة من تأليف الكتب والمسرحيات الضاحكة والمجموعات القصصية.
ووجد أسامة أن ما ميز شقيقه الراحل في الإخراج تركيزه على الحبكة الدرامية وعلى الممثل أكثر من الصورة وتجلى ذلك في أعمال اعتبرت مداميك في رحلة الدراما السورية وكان أول من قدم الأعمال الشامية بدءا من أبو كامل بجزأيه وصولا إلى أهل الراية مقدما خلال نصف قرن أكثر من 40 مسلسلا وبرحيله كعائلة خسرنا الأخ والاستاذ والمعلم والإنسان المرجع الذي كنا نلجأ له ليصحح مسيرتنا في العمل والحياة وعزاؤنا في إرثه العظيم الذي تركه وبأن سورية ولادة وستبقى قوية بمبدعيها ومثقفيها.
أما الناقد الدرامي ماهر منصور فوجد ان واحدا من السمات الأساسية لأعمال الراحل كوكش أنها استطاعت أن تحقق المعادلة الجماهيرية وتحظى بتقدير نقدي في كثير من محطاتها خاصة في عقدي السبعينيات والثمانينيات.
الراحل الذي توفي في الـ 6 من كانون الأول الماضي من مواليد حي القيمرية بدمشق عام 1942 درس في قسم الدراسات الاجتماعية والفلسفية بجامعة دمشق ولكن التلفزيون اجتذبه للعمل فيه منذ تأسيسه فعمل فيه منذ سنواته الأولى ثم أوفد إلى ألمانيا لاتباع دورة في الإخراج سنة 1966 حيث تتالت بعدها أعماله التي أخرجها في سورية وخارجها منها مذكرات حرامي -حارة القصر- أولاد بلدي – رأس غليص – وضاح اليمن – تجارب عائلية – حصاد السنين – الذئاب- أمانة في أعناقكم -حي المزار- الرجل سين -حكايا الليل والنهار.
كما كتب الراحل وأخرج ثلاثة أفلام تلفزيونية إضافة لكتابين صدرا له الأول في المسرح بعنوان مسرحيات ضاحكة والثاني مجموعة قصصية بعنوان إنهم ينتظرون موتك.
كما اختير كوكش عضواً في لجنة تحكيم مهرجان القاهرة الدولي للإذاعة والتلفزيون للعديد من الدورات وتولى إخراج العديد من المسرحيات منها الفيل يا ملك الزمان و حفلة سمر من أجل 5 حزيران.
وعلى صعيد التمثيل كان للراحل حضور قليل ولكنه غني ومن اللافت أنه شارك في 7 أعمال درامية وسينمائية ولم يكن أي منها من إخراجه ومنها مسلسلا صلاح الدين الأيوبي وكليوباترا وفيلما المخدوعون والمتبقي الذي حاز من خلاله على شهادة تقدير من مهرجان دمشق السينمائي التاسع.
المصدر : سانا

((  تابعنا على الفيسبوك   –  تابعنا على تلغرام   –   تابعنا على انستغرام  –  تابعنا على تويتر ))