لم نعد نتذكر طعم اللحمة

دمشق -هوى الشام من رامه الشويكي
لم تعد جيبة المواطن السوري قادرة على تحمل الغلاء المتصاعد كل يوم ولذلك أصبح الاستغناء عن كثير من السلع والاكتفاء بالحاجيات الأساسية جزء من تحدياته اليومية فعندما تدخل إلى أحد المحال التجارية لشراء أي سلعة وتسأل عن سعرها يخرج البائع على الفور الآلة الحاسبة ويحسب القيمة تبعاً لسعر صرف الدولار الذي بات المواطن الضحية الأولى للتلاعب بسعر صرفه.

الأسرة السورية لم تعد قادرة على تلبية حاجيات أبنائها الغذائية والاستهلاكية والدوائية وتقول أم علاء ولديها 3 أبناء “اضطررت إلى إلغاء بعض السلع التي تعتبر أساسية لنمو أبنائي لكن ما باليد حيلة فمؤخراً أصبح سعر صحن البيض ألف ليرة سورية تقريباً وسعر كيلو الحليب 275ليرة سورية وكيلو الجبنة 800 ليرة سورية.

وتصمت أم علاء للحظات قبل أن تضيف لـ هوى الشام :لم نعد نتذكر طعم اللحمة إذ بلغ سعر كيلو لحم العجل المفروم 3700ل .س مشيرة إلى أن أحد أبنائها بدأ يعاني سوء التغذية دون قدرتها مع زوجها على تأمين كل متطلبات الحياة لاسيما وأن راتبها وراتب زوجها مع عمله الإضافي لايغطيان كل احتياجات الأسرة.

لجأت أم علاء مؤخراً للعمل بالكروشيه لتأمين دخل إضافي للعائلة على الرغم من محدوديته لأن بحصة بتسند جرة بحسب رأيها كما أنها تقوم بعرض ثيابها المستعملة وبعض الأغراض التي يمكنها الاستغناء عنها لتسديد أجرة البيت.

شكوى تاجر وصيدلاني والمواطن…. !
أما أبو لؤي وهو تاجر في العصرونية يقول أبيع بضاعتي بخسارة في كثير من الأحيان والزبون لا يصدق ذلك فبضاعتي مستوردة وأنا أمام خيارين إما أن أرفع السعر بشكل كبير أو أبيع بخسارة مبينا أنه أوقف بيع الجملة ولم يبقى لديه سوى المفرق الذي لا يغطي مصاريف أسرته فأصبح يأكل من رأسماله وهذا وفق رأيه حال معظم التجار فكثير من البضائع التي كانت في المستودعات تعرضت للتلف أو السرقة بسبب الأزمة.

الأدوية كما أسعار المواد الاستهلاكية ازدادت وترتفع بشكل مضطرد كل فترة وهذا ما تؤكده الصيدلانية نجوى بزازة من صيدلية المدائن لـ هوى الشام حيث تبين ازدياد أسعار الأدوية المستوردة بنسبة 50 أو 60 بالمئة مشيرة إلى أنه على سبيل المثال ارتفع سعر علبة (كالسيديوم ) من 1600 إلى 2600 ل.س وكذلك جميع الفيتامينات المستوردة فيما حافظ الدواء المحلي على سعر مقبول بزيادة بسيطة بعد أن سعت النقابة إلى تخفيض هامش الربح للصيدلاني من 25 إلى 20 % لمصلحة المواطن.

وتبين الصيدلانية بزازة أن الموضوع اليوم معروض للنقاش مع وزارة الصحة متسائلة “لماذا يجب تخفيض هامش الربح للصيدلاني فقط ولا ينطبق ذلك على كشفية الأطباء أيضاً”.

اشتري مستعملاً وأضف صفراً ..
وككل ما ارتفع كانت أسعار العقارات تحلق مع كل شهر لتصل إلى مستويات قياسية من الارتفاع وبهذا الخصوص تصف وداد وهي مدرسة وأم لولدين ارتفاع أسعارالعقارات بأنه خيالي الأمر الذي دفعها إلى الاستئجار في أحد الضواحي وتقول “اليوم ندفع أنا وزوجي 60 ألف لمنزل من غرفتين وصالون كما تكلفني كل يوم المواصلات حوالي500 ليرة و لايمكننا حتى التفكير بشراء سيارة لتوفير عبء المواصلات وانتظارها لوقت طويل في البرد و الحر الشديدين فأسعار السيارات ايضا إلى ارتفاع مع كثرة الطلب و توقف الاستيراد.

وترى وداد أن المشكلة اليوم هي أن الأسعار لاتتناقص مع انخفاض سعر صرف الدولار الذي يتحجج به التجار بل على العكس مضيفة إن هذا الغلاء ينطبق على كل الأشياء فأصبحنا نشتري الثياب والأغراض المستعملة ونسينا شكل الجديد منها.

الشاب أدهم المقبل على الزواج يقول لـ هوى الشام إن ارتفاع الأسعار يشمل كل الأشياء من الصغيرة إلى الكبيرة وهذا الأمر يتعبه كثيراً نفسياً ومادياً فأسعار الأثاث “غرفة النوم ” على الأقل و الكهربائيات الضرورية كالبراد والغسالة والتلفاز وأدوات المطبخ وغيرها لم تعد كالسابق ويضيف لجأت إلى المستعمل بمساعدة عائلتي وهو ليس برخيص أيضاً كما اكتفيت بمحابس الفضة كبديل عن الذهب الذي لا يمكنني تحمل تكاليفه وسنكتفي بحفلة بسيطة جداً تقتصر على الأهل.

في المقابل تؤكد دانة.د العائدة من الخارج منذ شهرين أن سورية رغم كل هذا الغلاء المستجد مع الأزمة لا تزال “من أرخص بلاد العالم” على حد تقديرها معتبرة أن الغلاء عالمي فالأسعار في كل الدول ارتفعت عما قبل .

وتكمل .. اليوم عندما أريد أن اشتري سلعة أصبحت أضيف”0″ أي ما كان سعرة 50 أصبح اليوم بـ 500 ليرة لكن على الأقل يمكنني أن أعلم أولادي مجاناً أو حتى في مدارس خاصة ففي الخارج التعليم مكلف جداً وأقل مستوى بكثير وبرأيي المشكلة الأساسية ليست في ارتفاع الأسعار بل في محدودية الدخل لدى الكثيرين الذي لا يتماشى مع الغلاء المتزايد.

الجدير بالذكر أن صحف محلية نشرت مؤخراً دراسة جديدة صادمة بينت أن تكلفة المعيشة الشهرية للأسرة السورية المكونة من 5 أشخاص بلغت 220 ألف ل .س .