الاستثمار بالرياضة في اليابان

طوكيو – هوى الشام
تخيلوا أن معظم المجمعات التعليمية تقريباً من الابتدائية وحتى الجامعية في اليابان، تحتوي صالة رياضية كبيرة مغطاة ومجهزة تستوعب معظم الألعاب الرياضية. رياضيون أطفال وشباب من كل الأعمار وفي كل الألعاب الفردية والجماعية يتمرنون بانتظام بعد انتهاء حصص الدراسة، ويستعدون بكل قوة للمسابقات السنوية. أذهب لأشاهدهم أحياناً…بصراحة لا تشعر أنك في حضرة أطفال مدللين أو مراهقين طائشين ، الكل منضبط، جدي، مسؤول… مستحيل أن تشاهد أحداً يكتب على الحائط مثلاً أو يخرب شيئاً، بالعكس بعد انتهاء التمرين ينظفون المكان ويعيدون كل شيء كما كان ثم يغادرون منهكين، حاملين حقائبهم وأغراضهم الثقيلة غالباً،’’اشتا غامبرو‘‘، ’’شد حالك بكرا‘‘ … يقول ’’السينباي‘‘ وهو الأعلى مرتبة أو الأقدم في الفريق، تماماً كأنه ضابط السرية وأوامره مطاعة بدون مناقشة.

حضرت مرة إحدى البطولات السنوية في البيسبول والتي يحرص الأهل على التواجد فيها لدعم أولادهم… لا تسألوا عن الانضباط والتنظيم فهذا من المسلمات، أجواء مفعمة بالحماس والتشويق، كل فريق له طريقة تشجيع ونشيد خاص به يردده المشجعون بصوت واحد، وكأنك بمهرجان تماماً، وغالباً تبث المباريات على القنوات المحلية … تصوروا مباريات دوري المدارس على الهواء مباشرة !؟

وطبعاً الدعم للفرق موجود من أصحاب الشركات وغير ذلك من مقومات أي بطولة رياضية عالمية. أكثر ما يدهشني سلوك الشباب الصغار في الملعب وأثناء الفوز أو الخسارة …لقد رُوَض هذا الشاب المراهق ليصبح رجلاً مهذباً وملتزماً يتحمل المسؤولية ، يصافح منافسه ويعتذر من الجمهور اذا فشل، ويعده بالعمل المتواصل من أجل الفوز في المرة القادمة.

هكذا يتم الاستثمار بالرياضة وصناعة الإنسان في اليابان من المدرسة والجامعة.
والسؤال هل نحن قادرون على مثل هذا الاستثمار…؟! ولا تنقصنا القيم لذلك أبداً.
الا يجدر بنا بدل الاستثمار بالدين ومؤسساته التي لم تثبت جدواها في تحصين الوطن، التوجه لدعم المدارس والمنشآت التربوية !!