هوى الشام
مهنة الصحافة: هي جمع الأخبار والمعلومات وكتابتها وتحريرها وإعدادها والتعليق عليها وإخراجها بوسيلة نشر مقروءة أو مسموعة أو مرئية.
الصحفي: كل من امتهن مهنة الصحافة سواء كان محرراً، أم مراسلاً، أم معلقاً، أم مخبراً أم غير ذلك من أنواع العمل الصحفي التي يحددها النظام الداخلي للاتحاد.

بهذه التعريفات صدر القانون رقم (1) للعام 1990 والذي نص وقتها على تسمية اتحاد للصحفيين وتشكيله.

28 عاما انقضت على وجود اتحاد الصحفيين السوريين، وبقي الاتحاد طول السنوات الماضية غير فاعل بالشكل الذي رجاه منه الصحفيون السوريون، وبقي رؤساء الاتحاد يتوارثون الوعود دون تنفيذ العدد الأكبر منها، فيما بقي الاتحاد يقف موقف المتفرج من الإعلام الخاص وخاصة العاملين في هذا الحقل.
الحاضر الغائب
قررت ريما أن تجمع من جديد أوراقها «عدد من المقالات المنشورة إضافة لورقة توصية من الصحيفة التي تعمل بها بشكل استكتاب» لتقدم طلب عضوية في اتحاد الصحفيين، عشر سنوات وهي تمارس العمل الصحفي وفق تعريف القانون للعاملين في هذه المهنة، بعد أن استبشرت خيرا بالرئاسة الجديدة للاتحاد. وضعت الأوراق المطلوبة في الديوان على أمل أن تصدر الموافقة على منحها عضوية اتحاد الصحفيين كمشارك بعد ثلاثة أشهر. مرت سنة كاملة على هذا الموضوع ولم تأت الموافقة بعد، رغم تأكد ريما من استكمالها جميع الشروط المطلوبة.
تجربة مرة
الصحفية في جريدة الثورة الحكومية مونا فــرح خاضت قبل عدة أشهر إحدى أكثر تجارب حياتها قسوةً رغم قصرها، تم توقيفها على ذمة التحقيق بعد اتهامها بالقدح والذم، بحق رئيس بلدية اللاذقية بناءً على منشور كتبته على صفحتها الشخصية. تقول مونا: «أنا أعرف جيداً النصوص القانونية التي تمنع الصحفي من كتابة أي ادّعاء دون إثبات» وتضيف: لكني لم أنشر أي معلومات في صحيفة، فقط قمت بكتابة بوست على صفحتي الشخصية مع وجود إثبات على كلامي، لكن الإجراءات التي اتّبعت في ذلك الوقت، تم اتخاذها بهدف إذلالي، لأن القضية لم تكن بحاجة لإحضاري موجودةً إلى قسم التحقيق وأن يتم توقيفي في النظارة على ذمة التحقيق، ثم ترحيلي إلى المحكمة.
لكن الأنكى من ذلك، كما تقول مونا، أن اتحاد الصحفيين لم يقف إلى جانبها، بحجة أن النشر لم يكن على صفحات وسيلة إعلامية، وتتابع: إلى اليوم أعاني من المشاهد التي تعرضت لها، أثناء توقيفي. وتضيف: لا أنكر فرحتي بعد إقالة رئيس البلدية نتيجة كشف فساده، مشيرةً أن منشورها على صفحتها الشخصية لم يكن بهدف الذم أو القدح، لأن كل ما ذكر خلاله كان حقائق وفي النهاية ظهرت الحقيقية للجميع.
مثال «ساطع»!
أما أكثر الأمثلة سطوعاً على الدور السلبي «اللادور» الذي يلعبه اتحاد الصحفيين عند وقوع الصحفي في مشكلة، تبرز قصة الصحفية فاديا شحيبر التي استمرت بمتابعة الدعاوى المرفوعة ضدها بعدما تقاعدت من عملها في صحيفة تشرين.
الزميلة شحيبر أمضت أكثر من خمسة عشر عاماً وهي تتردد على أروقة المحاكم لتتابع قضايا رفعت ضدها: اثنتان منها رفعها وزير زراعة أصبح فيما بعد رئيساً للحكومة.
تقول شحيبر إنه كان عليها متابعة الدعاوى على نفقتها، وتؤكد أن كلفة كل دعوى رفعت ضدها تتراوح بين 300 -400 ألف ليرة في تلك الأيام «منذ بداية التسعينات»، وأن تكاليف الدعوى راكمت عليها الديون لسنوات طويلة.
تضيف شحيبر أنها في كل الدعاوى كانت تجد نفسها وحيدة لا تساندها صحيفتها، ولا تجد العون من اتحاد الصحفيين لأن الجواب كان دائماً بأن الدعوى شخصية، وبحسب شحيبر كان هذا الجواب أكثر إزعاجاً من الدعوى ذاتها!
حصلت على البراءة في كل الدعاوى، لأن وثائقها كانت جاهزة، ولكن كان يتم العمل على إرهاقها واستنزاف وقتها ومالها كأن ترفع الدعاوى ضدها في محاكم حلب، بينما هي مقيمة في دمشق، وعليها أن تسافر كل خمسة عشر يوماً من دمشق إلى حلب لمتابعة الجلسة.
اتحاد بلا تأثير…
الصحفية رحاب إبراهيم (صحيفة تشرين الحكومية)، تلخص تجربتها منذ انتسابها للاتحاد بالقول إن اتحاد الصحفيين من الاتحادات الأقل تأثيراً في سورية، على الرغم من أنه يفترض أن يكون أكثرها فعالية، وتتابع: الصحفي السوري حتى اليوم لا يشعر بهذه المنظمة ودورها على الإطلاق، وعلى جميع الأصعدة، «أضعف الإيمان في حال تعرض الصحفي لأي تضييق من قبل أي جهة كانت، أن نرى اتحاد الصحفيين يقوم بدوره في الدفاع عن الصحفي وحمايته، بعيداً عن كتابة بعض بيانات الشجب والاستنكار من قبل الاتحاد على قضايا تخص الصحفيين».
وتضيف: أعمل حاليا كصحفية ميدانية- اقتصادية، لا أشعر إطلاقاً بوجود اتحاد الصحفيين، الذي يحاول مؤخراً الخروج من عباءة تقصيره من دون التمكن من تحقيق ذلك بسبب تراكمات العقود السابقة.
إبراهيم تعتبر أن اتحاد الصحفيين غرق في المزايا التي تُقدم لأعضائه، ففضل الاكتفاء بدور خجول لا يشعر أي صحفي به، مقابل هذه المزايا التي قد تتعاظم في حال أخذ دوره المفترض له. كما يفترض أن يرفع اتحاد الصحفيين صوته عالياً للمطالبة بتحسين دخل الصحفيين وزيادة رواتبهم أسوة بدول العالم أو أقله الدول المجاورة، لا أن يتم التعامل مع الصحفيين كموظفين، فالعمل الصحفي عمل فكري يستلزم مجهوداً مضاعفاً لا يتشابه مع الوظائف الإدارية، وهذا ما يجب أخذه بعين الاعتبار، والمطالبة بتغييره من قبل منظمة معنيّة أساساً بالدفاع عن الصحفيين وحقوقهم.
ولا يغني بعض الميزات الثانوية عن غياب الدور الفاعل للاتحاد، فالحصول على مبالغ زهيدة سواء كقروض أو وصفات طبية لا تتجاوز قيمتها 11 ألف ليرة، لا يمكن أن تكون كافية، وهي تأخذ بطبيعة الحال من راتب الصحفي.
حقوقنا المالية مهضومة…
الصحفية لينا ديوب ترى هي أيضاً أن حضور اتحاد الصحفيين لا يزال ضعيفاً خاصة فيما يتعلق بحقوق الصحفيين، وضمنها المالية، وتضيف: لا نجد فائدة مالية ملموسة كما باقي النقابات، خاصة أن الاستثمارات التي تشكل رافدا أساسيا لأية نقابة هي استثمارات مهملة، ولا تعود علينا بالفائدة المرجوة، وتتابع: ليس للاتحاد أيضاً أي دور تجاه موضوع أجور الاستكتاب التي لا تتجاوز مبلغ (1500ليرة) لمادة، تكلّف الصحفي مواصلات واتصالات أكثر من ألفي ليرة، ويتوقف سقف الاستكتاب عند مبلغ 12ألف ليرة سورية.
وتضيف لينا نحن نحتاج أن نشعر بالاتحاد من خلال تفاعله معنا، ففي الانتخابات الأخيرة حصل عدد من الزميلات على أصوات، لكن الذي حصل أن زملاء آخرين فازوا بالتزكية الحزبية؟! وتضيف: وعلى صعيد التوصيف لا يوجد حماية للصحفيين الفعليين بمعنى أنه يوجد عدد كبير من المنتسبين للاتحاد هم موظفون وفنيون ينتسبون للاتحاد كأعضاء عاملين، وهذا يزيد عدد المنتسبين ويخفف الفائدة من عمل الاتحاد.
عبد النور: الاتحاد موجود
يجد رئيس اتحاد الصحفيين موسى عبد النور في حديثه مع «الأيام» أن هناك الكثير من الغبن بحق اتحاد الصحفيين، مضيفاً: ربما في السنوات السابقة لم يكن الاتحاد نشط بالشكل المناسب، لكن هذا لا يعني ضعف الاتحاد في كثير من النواحي، لكننا حاليا نعمل على تفعيل دور الاتحاد بشكل جيد وخاصة فيما يتعلق بحماية الصحفيين والدفاع عنهم، حيث أن الاتحاد وقف إلى جانب كل صحفي تقدم بطلب مساعدة.
وعن عدد القضايا التي وقف فيها الاتحاد إلى جانب الصحفيين، قال موسى: كنا نحاول التوسط بين الصحفي والجهات التي على خلاف معها، وغالباً ما كنا نحل الأمور مع الجهات المعنية أو الأشخاص المعنيين.
ويضرب موسى مثالاً عن دور الاتحاد بقوله: «وقفنا إلى جانب الصحفيين في موضوع الفائض في الإذاعة والتلفزيون ومن المفروض أن يتم إيجاد حل لهذه الإشكالية». وعن الدعم المادي الذي يقدمه الاتحاد لمنتسبيه، وخاصة المواضيع التي تثار حول الاستثمارات العائدة للاتحاد، قال موسى إن الاتحاد ناقش في المؤتمر السنوي الثاني للهيئة العامة لفرع دمشق لاتحاد الصحفيين، سبل تطوير استثمارات الاتحاد وحل الإشكالات الواقعة على ممتلكات الاتحاد كي يصار إلى استثمارها كي تعود الفائدة على كافة الأعضاء.
وعن الشكاوى بخصوص الخدمات والمزايا التي يقدمها الاتحاد لمنتسبيه يقول عبد النور:
إن مجلس الاتحاد أقر في اجتماعه الأخير زيادة الوصفات الطبية ليصبح المبلغ 16 ألف ليرة للزملاء المتقاعدين و15 ألف ليرة للزملاء على رأس عملهم، ممن تجاوزت خدمتهم عشر سنوات وما فوق، فيما بقيت قيمة الوصفات 11 ألف ليرة لمن لم تتجاوز مدة انتسابهم 5 سنوات، كما تم إقرار زيادة معونة الوفاة من 150 ليرة إلى 400 ليرة بحيث يصبح تعويض الوفاة 500 ألف ليرة بدلا من 300 ألف ليرة، إضافة لزيادة رسم الاشتراك في اتحاد الصحفيين من 150 ليرة الى 300 ليرة.
قانون ولكن!
نوارة كريم صحفية عملت في السنوات الخمس الأخيرة في أكثر من وسيلة إعلامية تقول: لم أشاهد في أي وسيلة إعلامية عملت بها لوائح تتحدث عن حقوق الصحفيين، وواجباتهم، حتى أنني لم أوقّع على عقد عمل واحد، على الرغم من عملي في عدد من الوسائل الإعلامية.
وتتابع نوارة: لم أحصل أيضاً على أي ضمانات لحمايتي في حال تعرضي لأي غبن، وتضيف: في آخر وسيلة عملت فيها كان المطلوب كتابة مواد وتقارير صحفية بأي وسيلة كانت، حتى لو اضطرنا الأمر لدفع نقود للأشخاص الذين سيقدمون لنا المعلومات، وعلمت فيما بعد أن هذا أمر يخالف عليه القانون، لكن أيا من القائمين على عملي لم يوضح لي خطورة هذا الأمر.
وعن انتسابها لاتحاد الصحفيين تقول نوارة: لم أفكر يوما بمثل هذا الموضوع كوني لم أسمع بنشاطات أو فعاليات تحت اسم اتحاد الصحفيين، وكنت أظن أن وزارة الإعلام هي الجهة الوحيدة التي تمثل الصحفيين السوريين.
إذاً… لا تزال القوانين القديمة تكبّل عمل اتحاد الصحفيين حيث لا يوجد مكان للصحفيين الذين يعملون في القطاع الخاص، إلا من كان خريجاً لكلية الإعلام، فيما يترك المئات من العاملين في هذا المجال دون أن تتم حمايتهم أو تقديم التدريبات اللازمة لتأهليهم. فقانون الإعلام السوري الصادر في العام 2011 ألغى القوانين التي سبقته، ونظم العملية الإعلامية في سورية، لكن القانون كان يتضمن إنشاء مجلس وطني للإعلام الذي بدوره حُلّ في العام 2016 وأحيلت مهامه لوزارة الإعلام ليبقى اتحاد الصحفيين مكانه. لكن معظم الصحفيين السوريين يُجمعون على ضرورة تسوية أمر قانون الإعلام، كإصدار قوانين جديدة أو تعديل على القانون القديم، وخاصة فيما يتعلق بموضوع ميثاق شرف الإعلاميين، بعد أن حصلت تجاوزات عديدة تمسّ المهنية الإعلامية في عدد من الوسائل الإعلامية.
من جانبه أعلن رئيس اتحاد الصحفيين موسى عبد النور عن وجود ميثاق شرف إعلامي جديد جاهز للإعلان عنه في غضون أيام قليلة، ليبقى موضوع قانون الإعلام معلقا لتبت فيه وزارة الإعلام، بعد تشكيل لجان مختصة على أن يتم تمثيل الاتحاد بلجنة خاصة.
رابطة لـ «الخريجين»

شهدت عدد من صفحات التواصل الاجتماعي مطالبة بإنشاء رابطة خاصة بخريجي الإعلام، أسوة بباقي النقابات التي لا تضم سوى خريجي الاختصاص. يقول عبد النور: إن هذا المطلب هو مطلب يحمل وجه حق لكن مهنة الصحافة لها خصوصية لذلك لا يمكننا حصر من يعمل في مجال الصحافة بالخريج فقط، حيث لم يكن هناك من قبل كلية إعلام إضافة إلى أن عدداً من وسائل الإعلام العامة والخاصة تطلب خريجين من غير اختصاص الصحافة، كالاقتصاد والحقوق وغيره من الاختصاصات، فهل يمكننا أن نغفل هؤلاء الأشخاص ولا يتم تنسيبهم إلى اتحاد الصحفيين! وكذلك الأمر للأشخاص الذين يعملون في حقل الإعلام من غير حملة إجازة في الإعلام. وتابع عبد النور: نحن نسعى الى أن يأخذ خريجو الإعلام حقوقهم وقد تباحثنا مع رئاسة مجلس الوزراء، كي يكون نسبة الأفراد المتقدمين للوظائف في المكاتب الصحفية نصفهم من خريجي الإعلام. كما أننا نتقاضى مبالغ أقل من خريجي الإعلام ويتم تنسيبهم بشكل مباشر للاتحاد.

ويختم عبد النور حديثه بنصيحة (لعلها توفّر على الاتحاد التعب): «أتمنى على الزملاء الصحفيين التنبه للكلام الذي ينشرونه على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، فصفحات التواصل الاجتماعي هي منبر مثله مثل الجريدة، أو أي مكان ينشر من خلاله الصحفي، مؤكدا أن معظم القضايا التي أثيرت ضد الصحفيين هي قضايا تتعلق بموضع الذم والقدح».

نسرين علاء الدين-الايام