اختبارات الفيس بوك ملاذ الكثيرين للأمل !

دمشق – هوى الشام من عاليا عيسى

لمواقع التواصل الاجتماعي حضورها الواضح والمؤثر في حياة مجتمعاتنا سواء سلبا أوإيجابا حيث باتت لها أهمية في تكوين الرأي العام وقياس تقلباته بل وتوجيهه حول مختلف القضايا وبين الفترة والأخرى باتت تجتاح هذه المواقع ما يمكن أن نسميه بالموضة سواء عن طريق الهاشتاغ التي تغزو الصفحات للتعبير عن موضوع معين أو من خلال التطبيقات والاختبارات التي اكتسحت مؤخرا صفحات رواد هذه المواقع والتي كانت آخرها اختبارات تقول صفحتها التعريفية على الفيس بوك أنها تعتمد على معالج ذكي صمم من قبل مهندسين مختصين قادر على تحليل البيانات والإجابات لتوقع نتيجة قريبة من الواقع فيما يحذر الكثيرون من أنها مجرد خدعة لسرقة معلومات حسابات المستخدمين والتجسس عليهم.

اختبارات تملأ صفحات الفيسبوكيين الذين يفترض أن تتجاوز أعمارهم 18 والذين افتتحوا صفحاتهم ليقرؤوا وجوه بعضهم بعضا ومواضيع هذه الاختبارات متنوعة كما وجوهنا تبدأ من ماهي الألوان التي تعكس شخصياتنا إلى نسبة ذكاءنا ..عمرنا العقلي قوة حاستنا السادسة ومهارتنا في الرياضيات واللغة العربية أو الإنكليزية ومدى ثقتنا بأنفسنا كل هذه الاختبارات مقبولة ومن الطبيعي أن نجد إقبالا شديدا عليها لكن ما يدعو للوقوف عنده هو أن هذه الاختبارات بدأت تتكاثر بالانشطار وتحمل عناوين غريبة جذابة ساعدت على انتشارها بشدة وكان اللافت تبني الكثيرين لنتائجها على صفحاتهم وكأنها حقيقة حتمية لمجرد أنها ممنوحة من موقع أزرق يمتص ساعات طويلة من أعمارهم ومن العناوين الغريبة لهذه الاختبارات من ستشرب معه فنجان قهوة أو تسهر معه من المشاهير في أي البلدان أو الكواكب تستحق أن تعيش ..متى ستموت ..نوع ضحتك .. أي من الكوارث الطبيعية يشبه طبعك ..من الشخص الذي في بالك وماذا تعني له علما أنه لن يجيب على أي سؤال من الاختبار الذي تجريه أنت وحدك ..وغيرها الكثير من العناوين.

وعن السبب الذي يدفعه لإجراء هذه الاختبارات وعرض نتائجها على صفحته يقول سلام مهنا إن التسلية هي الدافع الأساسي ولا سيما أن النتائج تكون موضوع نقاش ومرح مع العائلة والأصدقاء مشيرا إلى أنه لا يعتتقد بصحة جميع هذه الاختبارات ولا سيما أنها تعطي نتائج متعددة في حال القيام بالاختبار أكثر من مرة رغم أن الإجابات هي ذاتها كما أن عدد الأسئلة ومواضيعها في كثير من الأحيان غير كاف لتقديم نتيجة يمكن القول إنها صحيحة .

أما لوالدة لين تجربة مختلفة مع هذه الاختبارات التي لم تسمع بها إلا بالصدفة عندما كانت في السوق مع ابنتها وأرادت أن تشتري لها قميصا زهريا اللون وهو لونها المفضل عادة لتعارض لين وبشدة لأن الاختبار الذي أجرته عن اللون المناسب لها ولشخصيتها أخبرها أن اللون القرمزي هو المناسب لا الزهري .

وتوضح والدة لين أن هذه الحادثة استوقفتها لأنها غيرت من طباع ابنتها فجأة وكان السؤال الأبرز هو قدرة اختبار لا يعلم أحد عن معديه شيئا على التغيير وبعد أن لامت نفسها لأنها هي من أنشات لابنتها صفحة على الفيس بوك رغم أن عمرها لم يتجاوز 14 عاما قررت التعرف على مواضيع هذه الاختبارات وإجراء عدد منها فوجدت أنها سخيفة وسطحية وبعضها غير منطقي نهائيا فاعتمدت على النقاش مع ابنتها وانتقاد النتائج والأسئلة لإقناعها أن ما تقدمه هذه الاختبارات ليس مسلمات يجب اتباعها دون تفكير لمجرد أنها موضة وجدت طريقها إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تخضع لأي رقابة قانونية يمكن أن تلاحق معدي هذه الاختبارات.

وقد تفيد نتائج هذه الاختبارات في الترويج للذات واستقطاب المعجبين كما تقول مي خضور التي أظهر الاختبارات أنها قمة في الأنوثة وصاحبة شخصية بريئة ما يمنحها الكثير من الإطراءات على صفحتها ويثير بعضا من غيرة خطيبها عليها وهي بذلك تضرب عصفورين بحجر واحد .
أما محمد مكي فيرى أن مستخدمي مواقع التواصل عصافير وقعت في شباك قراصنة الانترنت من خلال هذه التطبيقات وغيرها التي يتم الترويج لها بين فترة وأخرى حيث يتمكنون من اختراق صفحات المستخدمين وسرقتها معتبرا أن الفضول هو من يدفع المستخدمين لإجراءها ولا سيما أنها أخذت مكان العرافين الذين ينتظر الجميع توقعاتهم لحل مشاكل العصر حيث أنها تجيب على العديد من التساؤلات الإشكالية الملحة في حياة الشباب كنوع العمل الذي يستحقونه مثلا وكيف يراهم الناس وغيرها.

فيما يرى المحلل النفسي منصور جمعة أن المعرفة والاطلاع والتواصل مع الآخرين هي الدافع الأساسي وراء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يضاف إليها التسلية والترفيه التي توفرها وبشدة الاختبارات المنتشرة مؤخرا والتي تتضمن سؤالاً رئيسياً عن موضوع جذاب وبسيط، ومن ثم عدد من الأسئلة التي تقود في النهاية إلى نتيجة معينة، في وقت لا يتعدى الدقيقة الواحدة في بعض الأحيان .

انتشار كبير لاختبارات الفيس بوك
انتشار كبير لاختبارات الفيس بوك

وأضاف جمعة أنه هو نفسه أجرى عددا من هذه الاخبتارات ولكنه يعرف أنها غير علمية فحتى اختبارات القياسات الدقيقة التي تحاول تحليل الشخصية وتكون مدروسة جيداً وتتم فيها الاجابة عن نحو 100 سؤال يقول عنها المتخصصون إنها اختبارات استرشادية فيما لا يتجاوز عدد أسئلة الاختبارات المتشرة على الفيس بوك ال12 وأحيانا 4 فقط لذا يمكننا التأكد من ضحالتها وعدم تركيزها على الوصول إلى نتائج حقيقية بقدر الوصول إلى جمهور أكبر قد يفيد هذه المواقع في عدة أمور أغلبها تسويقية.

هو الملل ربما من يدفعنا لهذه الاختبارات أو التسلية أو هو التقليد لانتشارها الواسع وحرصنا على أن نكون جزءا من الموضة والتقليد مدمر بطيء .. هي ربما طباعنا كوارث طبيعية حقيقية ابتلعت عقولها ذات تسونامي تكنولوجي لتكون ألواننا المفضلة باهتة لا روح فيها ولتكون أسماؤنا استعارات لا تشبهنا ولا نشبهها بل تشبه هذا أو ذاك من المشاهير والذي ربما لن يشرب يوما قهوتنا إلا أنه قد يزورنا في يوم قد يكون حظنا فيه زفتا ونوع ضحكتنا فيه خبيثا ينتظر شريك حياة يشبه النجم قصي الخولي أو النجمة نسرين طافش فلا ينوبنا الا أننا أقصياء طافشون نلعن الحياة مثنى وثلاث ورباع لأننا وحسب الاختبار كنا نشبه الحمير في صبرها والأطفال في أعمارنا العقلية وتليق بنا أغنية تشبهنا تبدأ بـ .. بيحسدوني لما بضحك ولا تنتهي بـ كيفك إنت ..حيث نمضي العمر على وقع مسلسل دنيا.