هوى الشام
عاد سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الامريكي الى الواجهة من جديد، بعد أن لامس سعر الصرف عتبة 500 ليرة سورية لكل دولار بعد 12 شهرا على تخفيضه، من 491 ليرة الى 435 ليرة بحسب نشرة اسعار الصرف الرسمية الصادرة من مصرف سورية المركزي. ارتفاع سعر الصرف بدأ يرخي بظلاله على اسعار البضائع والمنتجات ، لتعود اسطوانة التجار بالتسعير على الدولار ومحاولتهم الانكماش في البيع على اعتبار ان وجود القطعة في المحل تربح أكثر من بيعها في ظل استمرار ارتفاع سعر الصرف وفي سوق البحصة المخصص لبيع القطع الإلكترونية يضع التاجر ابو خالد الحاسبة على مكتبه وينظر الى سعر الصرف على تطبيق ثبته على موبايله ومن ثم يحسب ثمن الكمبيوتر او القطع المرتفعة على سعر اللحظة.
وتراوحت آراء الناس في تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي حول ارتفاع سعر الصرف بين الرأي الواقعي كمن طالب بترشيد الانفاق الحكومي حسب الأولويات واستثمار تحسن الواقع العسكري ومنهم من أخذ يكيل الاتهامات دون اي ادراك أو معرفة ومنهم من دعا الى رفع سعر الفائدة لإيقاف المضاربة على العملة المحلية وتشجيع التحويل الى الداخل.
المعاملات التجارية والصفقات وتجارة الجملة يتم التعامل بها بالدولار منذ بداية الازمة بالرغم من القرارات التي تمنع التعامل بالدولار، الا عن طريق المؤسسات والقنوات الرسمية المعنية بالتعامل بالدولار الا انه منذ عام 2011 نشطت السوق السوداء ،وبدأ سعر الصرف بالارتفاع بأجزاء من الليرة وتجاوز عتبة 50 ليرة في شهر اذار من نفس العام. السوق السوداء في سورية موجودة منذ القدم، وكانت تعمل بالتوازي مع نشرة الأسعار الرسمية بارتفاع لايذكر، لكنها اليوم تحقق ارباحا وصفقات وتسعر مع أعلى سعر تبيعه لمن يكون مضطرا الى ألف دولار ، مدعومة بالتطبيقات وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي ، وتنشط السوق السوداء في محيط المؤسسات المعتمدة للصرافة والتي تكاثرت خلال الأزمة.

الليرة السورية التي صدرت اول مرة في عام 1919 كعملة في سورية ولبنان ، كانت توازي تقريبا نصف دولار امريكي وفي الثمانينات وصلت الى حدود 11,25 ليرة مقابل كل دولار ، وفي التسعينيات قاربت 48 ليرة، واستمرت في حالة مستقرة حتى بدء ما أسموه “الربيع العربي” ليكون العام 2016 الأسوء في طالع الليرة السورية ، حيث تجاوز سعر الصرف في السوق السوداء 600 ليرة سورية، ثم يعود الاستقرار النسبي مع بداية العام الحالي ومن ثم بالصعود المتسارع.

التحليلات والتكهنات كثيرة ، فبعضها يرى أن السبب في تغيير إدارة المصرف والبعض الآخر يرى ان مشاريع اعادة الإعمار والطلب على العملة الصعبة، والبعض الآخر يرى أن تجفيف منابع الدولار للمسلحين، ومنهم من يرى أنها لعبة من التجار للضغط على المصرف وايقاف ملاحقة من استجر دولار من المركزي بغير وجه حق ،وقصص وروايات فيسبوكية بعيدة عن التحليل المالي والمنطق الاقتصادي الأكاديمي.

سعر الصرف في النشرة الرسمية ثابت، والتجار تغلي، والصفحات تُحدِّث نشراتها على مدار الساعة ، والحكومة صامتة، ليبقى السؤال اليتيم من دون إجابة، ماذا يجري لسعر الصرف؟؟

طلال ماضي – موقع تحقيقات