دمشق – هوى الشام من راما رشيدي
مع الأيام الأخيرة من الموسم الدرامي الرمضاني لازال مسلسل الندم يحصد أكبر نسبة مشاهدة لدى السوريين الذين بينوا ذلك من خلال صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي حيث لامس العمل الحياة الاجتماعية للسوريين بطريقة واقعية إذ دمج بين الحب والحرب والمال والسلطة في سنوات ما قبل الحرب وأثنائها.

المسلسل يبدأ حكايته في ليلة سقوط بغداد ويستعرض أحداثا تاريخية منذ عام 2003 حتى الوقت الحالي عبر رسم تفاصيل حياة اجتماعية وسياسية نتعايش معها بشكل شبه يومي كما يلخص الصراع بين الماضي والحاضر وبين جبروت المال والسلطة والإنكسار والتحولات في حياة السوريين وشكل الحياة في دمشق.

ومنذ حلقاته الأولى نال المسلسل الذي كتبه الكاتب حسن سامي يوسف جماهيرية واسعة لاسيما وأنه تميز في عرض الحوارات الإنسانية بين شخصيات العمل الذين تعمقوا بأدوارهم لدرجة الإتقان كما أن اللمسات الإخراجية التي أضافها المخرج المبدع الليث حجو كان لها الأثر الكبير أيضا في نجاح العمل خاصة في استخدام الصورة اللونية التي يستذكر من خلالها الأحداث الماضية بالألوان فيما يصور الحاضر بالأبيض والأسود لما في الماضي من ذكريات جميلة نتمنى أن تعود بينما أيام الحاضر نعيشها بقسوة ظلمها ورائحة الدماء ومشاهد الخراب على أمل تغير الواقع الحالي.

وبلمحة عن شخصيات العمل التي أبدعت نرى الفنان سلوم حداد بشخصية “أبو عبدو” الغول ذالك الشخص ذو الثراء الكبير الذي بدأ حياته بفقر شديد واستطاع من خلال مسيرة حياته جمع ثروة كبيرة لأبنائه أما القديرة سمر سامي فقد تألقت بدور “أم عبدو” الأم الحنون التي تحرص على تلبية متطلبات زوجها وعدم معارضة أرائه مهما كانت مع محاولتها زرع المحبة بقلوب أبنائها والتقريب بينهم.

الطمع بالوصول إلى السلطة وجمع المال جسده الفنان باسم ياخور من خلال تأدية شخصية “عبدو” الأخ الأكبر ذاك الشاب الأناني الذي لا يرى ضيرا في أي شيء في سبيل الحصول على المزيد من المال يقابله الفنان أحمد الأحمد بدور “سهيل” الأخ الأوسط الذي يعيش المعاناة من قسوة والده والتمييز بينه وبين أخوته ما أدى إلى تخليه عن أموال والده ومغادرة البلاد.

أما الفنانة رنا كرم الأخت المدللة التي قامت بدور “ندى” الدكتورة التي تحب شابا لديه أفكارا معارضة للدولة ما يؤدي إلى اعتقاله فتعيش في دوامة من الحزن والألم في حين يجسد الفنان محمود نصر شخصية الأخ الأصغر وكاتب العمل والذي يمثل الخير في الإنسان السوري ويروي لنا حكاية عائلته بشخصياتها والحياة التي تغيرت بعد الحرب إضافة إلى قصة حبه الكبير لهناء ومرور عدة نساء في حياته بعد وفاتها.

المسلسل تميز بكل مكوناته والتي أكملتها الموسيقى التصويرية بالتأثير ولفت الأنظار كي يستطيع المشاهد العيش داخل أجواء العمل والذي بدأ بشارة مميزة ليكون مسلسل الندم بواقعيته وقوة قصته والسيناريو الجيد والإبداع بالإخراج عمل من أهم أعمال الدراما السورية خلال الأعوام الماضية لأنه أيقظ لدى كل السوريين الحنين للماضي.