هوى الشام

أرجعت الحكومة اللبنانية اسباب الازمة المالية إلى سلّة اللاجئين السوريين، كما لو ان الاوضاع المالية قبل عام 2011 كانت جيدة، وهو ما توحي به المقارنة بين معدّلات النمو الاقتصادي قبل الصراع في سورية وبعده.

وتقول وثيقة الحكومة التي قدمت في مؤتمر سيدر بباريس إن معدّل النمو بلغ 8% وسطياً في السنوات الثلاث التي سبقت انفجار الوضع في سوريا وانخفض الى 1% في عامي 2016 و2017، علماً بأن معدّلات النمو خلال الاعوام 2008 و2009 و2010 هي استثنائية ومرحلية، وارتبطت بهروب الرساميل في خضم الازمة العالمية وارتفاع اسعار النفط، علماً بأن قاعدة بيانات البنك الدولي تبين أن معدّلات النمو المحققة بين عامي 1997 و2006 بلغت أقل من 2% وسطياً، وسجلت انكماشاً بنسبة ــ0.45% في عام 1999، أي إن معضلة انخفاض النمو باتت بنيوية منذ فشل رهانات ما سمّي “مشروع الاعمار” في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي.

تستند الحكومة الى تقديرات البنك الدولي حول الكلفة التراكمية على لبنان منذ بداية الحرب في سورية وتقول إنه كان يقدر للدخل أن يرتفع نحو 18.15 مليار دولار حتى عام 2015، في حين بلغت التحويلات الاضافية من الحكومة إلى مؤسسة كهرباء لبنان لتوفير الكهرباء للنازحين نحو مليار دولار سنوياً، وبلغت الزيادة في الدين العام اللبناني نحو 6 مليارات دولار، نتجت من تمويل العجز الإضافي المتصل بالأزمة السورية والفوائد المترتبة عليها بين نهاية عام 2011 وعام 2016!

وتنطلق الحكومة من هذه التقديرات لتشير الى ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 150٪ بحلول نهاية عام 2017، في حين بلغت مدفوعات الفوائد على الديون نحو 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017، واستحوذت على أكثر من نصف الإيرادات الحكومية. الا ان الحقائق الاحصائية تفيد بأن الدين العام يرتفع بمعدّلات مرتفعة منذ عام 1992، وقد بلغ نسبة 183% من مجمل الناتج المحلي في عام 2006، وبالتالي لا يوجد أي دليل على ان آلية تنامي الدين ارتبطت بأي شكل من الاشكال بأزمة اللاجئين السوريين.